مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيۡكُمۡ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوَٰتِ أَن تَمِيلُواْ مَيۡلًا عَظِيمٗا} (27)

ثم قال تعالى : { والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما }

فيه مسألتان :

المسألة الأولى : قيل : المجوس كانوا يحلون الأخوات وبنات الأخوة والأخوات ، فلما حرمهن الله تعالى قالوا : إنكم تحلون بنت الخالة والعمة ، والخالة والعمة عليكم حرام ، فانكحوا أيضا بنات الأخ والأخت ، فنزلت هذه الآية .

المسألة الثانية : قالت المعتزلة : قوله : { والله يريد أن يتوب عليكم } يدل على أنه تعالى يريد التوبة من الكل ، والطاعة من الكل . قال أصحابنا : هذا محال لأنه تعالى علم من الفاسق أنه لا يتوب وعلمه بأنه لا يتوب مع توبته ضدان ، وذلك العلم ممتنع الزوال ، ومع وجوب أحد الضدين كانت إرادة الضد الآخر إرادة لما علم كونه محالا ، وذلك محال ، وأيضا إذا كان هو تعالى يريد التوبة من الكل ويريد الشيطان أن تميلوا ميلا عظيما ، ثم يحصل مراد الشيطان لا مراد الرحمن ، فحينئذ نفاذ الشيطان في ملك الرحمن أتم من نفاذ الرحمن في ملك نفسه ، وذلك محال ، فثبت أن قوله : { والله يريد أن يتوب عليكم } خطاب مع قوم معينين حصلت هذه التوبة لهم .