قوله : «لاَ يَذُوقُونَ » يجوز أن يكون حالاً من الضمير في «آمِنِينَ » وأن يكون حالاً ثالثةً أو ثانيةً من مفعول «وزَوَّجْنَاهُمْ »{[50459]} ، و«آمِنينَ » حال من فاعل «يَدْعُونَ » كما تقدم ، أو صفة «لآمِنينَ » أو مستأنف{[50460]} . وقرأ عَمرُو بنُ عُبَيْد : لاَ يُذَاقُونَ مبنياً للمفعول{[50461]} .
قوله : «إلاَّ المَوْتَة الأُوْلَى » فيه أوجه :
أحدها : أنه استثناء{[50462]} منقطع ، أي لكن المَوْتَةَ الأُولى ، قَدْ ذَاقُوهَا .
الثاني : أنه متصل ، وتأولوه بأن المؤمن عند موته في الدنيا يُرَى منزلته في الجنة لمعاينة ما يُعْطَاه منها أو لما يتيقنه من نعيمها{[50463]} .
الثالث : أن «إلاَّ » بمعنى سوى . نقله الطبري{[50464]} وضَعَّفَهُ .
قال ابن عطية : وليس تضعيفه بصحيح ، بل هو كونها بمعنى سوى مستقيم متسق{[50465]} .
الرابع : أن «إلاّ » بمعنى «بَعْدَ » ، واختاره الطبري{[50466]} . وأباهُ الجمهور ، لأن إلاَّ بمعنى بَعْدَ لم يَثْبتُ .
وقال الزمخشري : فَإِن قلتَ : كيف استثنيت الموتةَ الأولى المَذُوقَةَ قبل دخول الجنة من الموت المنفي ذوقه منها ؟{[50467]}
قُلْتُ : أريدَ أن يُقَالَ : لا يذقون فيها الموت البتة ، فوضع قوله : { إِلاَّ الموتة الأولى } موضع «ذَلِكَ » ، لأن الموتة الماضية محال ذوقها في المستقبل فهو من باب التعليق بالمحال كأنه قيل : إن كانت الموتة الأولى يستقيم ذَوْقُهَا في المستقبل ؛ فإنهم يذُوقُونَها في الجنَّة{[50468]} .
قال شهاب الدين : وهذا عند علماء البيان يسمى نَفي الشيء بدليله ومثله قول النَّابغة :
4432 وَلاَ عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أنَّ سُيُوفَهُمْ *** بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الكَتائِبِ{[50469]}
يعني إن كان أحد يعد{[50470]} {[50471]} فُلُول السيوف من قراع الكتائب عيباً ، فهذا عيبهم لكن عَدّهُ من العيوب محال فانتفى عنه العيب بدليل تعليق الأمر على المُحَال{[50472]} .
وقال ابن عطية بعد ما حكاه عن الطبري : فتبين أنه نفى عنهم ذَوْقَ الموت ، وأنه لا ينالهم من ذلك غير ما تقدم في الدنيا{[50473]} . يعني أنه كلامٌ محمول على مَعْنَاه .
وقال ابن الخطيب : إن من جرب شيئاً ووقف عليه وصح أن يقال : إنه ذَاَقَهُ ، وإذا صح أن يسمى ذَلِكَ العلمُ بالذوق صح أن يسمى تذكره أيضاً بالذوق .
فقوله : { لا يَذُوقُونَ فِيهَا الموت إِلاَّ الموتة الأولى } يعني الذَّوْقَ الحاصِلَ بسبب تذكر الموتة الأولى{[50474]} .
فإن قيل : أليس أنَّ أهل النار لا يذوقون الموت فلم بَشَّرَ أهل الجنة بهذا مع أن أهل النار يشاركونهم فيه ؟
فالجواب : أن البشارةَ ما وقعت بدوام الحياة ، ( بل{[50475]} بدوام الحياة ) مع سابقة حصول تلك الخيرات والساعات{[50476]} فافترقا .
قوله : «وَوَقَاهُمْ » الجمهور على التخفيف ، وقرأ أَبو حَيْوَةَ وَوَقَّاهُمْ{[50477]} بالتشديد على المبالغة ولا تكون للتعدية فإنه متعدٍّ إلى اثنيْنِ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.