تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لَا يَذُوقُونَ فِيهَا ٱلۡمَوۡتَ إِلَّا ٱلۡمَوۡتَةَ ٱلۡأُولَىٰۖ وَوَقَىٰهُمۡ عَذَابَ ٱلۡجَحِيمِ} (56)

الآية 56 وقوله تعالى : { لا يذوقون فيها الموت إلا المَوتة الأولى } والإشكال أنه نفى الموت في الجنة ، واستثنى الموتة الأولى ، وليس في الجنة موت أصلا . كيف يستثني الموتة الأولى ؟ وإن ظاهر الاستثناء أن يكون من جنس المُستثنى منه ، فيوهم أن يكون في الجنة موت ؟

قال بعضهم : إن إلا بمعنى غيرٍ وسوى ، وفيه إضمار كأنه [ قال ]{[19157]}ك لا يذوقون فيها أي في الجنة الموت سوى المَوتة الأولى [ التي ]{[19158]} ذاقوا في الدنيا ، لأن الموتة الأولى [ التي ]{[19159]} ذاقوا هي{[19160]} الموتة الأولى ، لا يتصوّر ذوقها ثانيا لو كان يكون مثلها ، ولأن الجنة ليست محل الموت ، فكان المراد ما قلنا ، أي لا يذوقون في الجنة الموت الذي ذاقوا في الدنيا . وهو كقوله تعالى : { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف } أي سوى ما قد سلف { إنه كان فاحشة } [ النساء : 22 ] . في ذلك الوقت على أحد التأويلين ، والله أعلم .

وعندما يُخرّج تأويله على وجهين :

أحدهما : { لا يذوقون فيها الموت } إلا ما ذاقوا من الموتة الأولى ، لأنه ذُكر{[19161]} في الخبر أنه يُؤتى بالموت يوم القيامة على صورة كبش أملح أو كذا ، فيُذبح بين أيديهم . فعند ذلك يأمَنون الموت هنالك ، الله أعلم .

والثاني : { لا يذوقون فيها الموت } ولا يرونه { إلا الموتة الأولى } التي رأوها في الدنيا . تلك يعرفونها ، ويذكرونها . فأما سوها فلا . والذوق سبب المعرفة ، فاستُعير للمعرفة مجازا ، والله أعلم .

/د56


[19157]:ساقطة من الأصل وم.
[19158]:ساقطة من الأصل وم.
[19159]:من م، ساقطة من الأصل.
[19160]:في الأصل وم: وهي.
[19161]:في الأصل وم: ذلك.