{ يَهْدِى بِهِ الله } توحيد الضمير لاتحاد المرجع بالذات ، أو لكونهما في حكم الواحد ، أو لكون المراد يهدي بما ذكر ، وتقديم المجرور للاهتمام نظراً إلى المقام وإظهار الاسم الجليل لإظهار كمال الاعتناء بأمر الهداية ، ومحل الجملة الرفع على أنها صفة ثانية لكتاب ، أو النصب على الحالية منه لتخصيصه بالصفة . جوز أبو البقاء أن تكون حالاً من { رَسُولِنَا } بدلاً من { يُبِينُ } [ المائدة : 15 ] وأن تكون حالاً من الضمير في { يُبِينُ } ، وأن تكون حالاً من الضمير في { مُّبِينٌ } ، وأن تكون صفة لنور { مَنِ اتبع رِضْوَانَهُ } أي من علم الله تعالى أنه يريد اتباع رضا الله تعالى بالإيمان به ، و { مِنْ } موصولة أو موصوفة { سُبُلَ السلام } أي طرق السلامة من كل مخافة قاله الزجاج فالسلام مصدر بمعنى السلامة . وعن الحسن والسدي أنه اسمه تعالى ، ووضع المظهر موضع المضمر رداً على اليهود والنصارى الواصفين له سبحانه بالنقائص تعالى عما يقولون علواً كبيراً ، والمراد حينئذٍ بسبله تعالى شرائعه سبحانه التي شرعها لعباده عز وجل ، ونصبها قيل : على أنها مفعول ثان ليهدي على إسقاط حرف الجر نحو { واختار موسى قَوْمَهُ } [ الأعراف : 155 ] . وقيل : إنها بدل من رضوان بدل كل من كل ، أو بعض من كل أو اشتمال ، والرضوان بكسر الراء وضمها لغتان ، وقد قرىء بهما ، و السبل بضم الباء والتسكين لغة ، وقد قرىء به .
{ وَيُخْرِجُهُمْ } الضمير المنصوب عائد إلى { مِنْ } والجمع باعتبار المعنى كما أن إفراد الضمير المرفوع في { أَتَّبِعُ } باعتبار اللفظ . { مِنَ الظلمات إِلَى النور } أي من فنون الكفر والضلال إلى الإيمان { بِإِذْنِهِ } أي بإرادته أو بتوفيقه . { وَيَهْدِيهِمْ إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ } وهو دين الإسلام الموصل إلى الله تعالى كما قال الحسن وفي «إرشاد العقل السليم » ، «وهذه الهداية عين الهداية إلى { سُبُلَ السلام } وإنما عطفت عليها تنزيلاً للتغاير الوصفي منزلة التغاير الذاتي كما في قوله تعالى : { وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا والذين ءامَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مّنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } » [ هود : 58 ] .
وقال الجبائي : المراد بالصراط المستقيم طريق الجنة .
( هذا ومن باب الإشارة ) :{ يَهْدِى بِهِ الله } أي بواسطته { مَنِ اتبع رِضْوَانَهُ } أي من أراد ذلك { سُبُلَ السلام } وهي الطرق الموصلة إليه عز وجل . وقد قال بعض العارفين : الطرق إلى الله تعالى مسدودة إلا على من اتبع النبي صلى الله عليه وسلم { وَيُخْرِجُهُمْ مّنِ الظلمات } وهي ظلمات الشك والاعتراضات النفسانية والخطرات الشيطانية { إِلَى النور } وهو نور الرضا والتسليم { وَيَهْدِيهِمْ إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ } [ المائدة : 16 ] وهو طريق الترقي في المقامات العلية ، وقد يقال : الجملة الأولى : إشارة إلى توحيد الأفعال ، والثانية : إلى توحيد الصفات ، والثالثة : إلى توحيد الذات
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.