نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{يَهۡدِي بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضۡوَٰنَهُۥ سُبُلَ ٱلسَّلَٰمِ وَيُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِهِۦ وَيَهۡدِيهِمۡ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (16)

ولما كانت هدايته مشروطة بشرط صلاح الجبلة ، بين ذلك بقوله واصفاً له : { يهدي به } أي الكتاب { الله } أي الملك الأعظم القادر على التصرف في البواطن والظواهر { من اتبع } أي كلف نفسه وأجهدها في الخلاص من أسر الهوى{[24808]} بأن تبع{[24809]} { رضوانه } أي غاية ما يرضيه من الإيمان والعمل الصالح ، ومعلوم أن ذلك لا يكون إلا بتوفيقه ، ثم ذكر مفعول { يهدي } فقال : { سبل } أي طرق{[24810]} { السلام } أي الله ، باتباع شرائع دينه والعافية والسلامة من كل مكروه { وخرجهم من الظلمات } أي كدورات النفوس والأهواء والوساوس الشيطانية { إلى النور } أي الذي دعا إليه العقل{[24811]} فيصيروا عاملين بأحسن الأعمال كما يقتضيه اختيار من هو في النور { بإذنه } أي بتمكينه .

ولما كان من{[24812]} في النور قد يغيب عنه غرضه الأعظم فلا ينظره{[24813]} لغيبته عنه ببعده منه ، وتكثر{[24814]} عليه الأسباب فلا يدري أيها يوصل أو يقرب إيصاله ويسهل أمره ، قال كافلاً لهم بالنور مريحاً من تعب السير : { ويهديهم } أي بما له من إحاطة العلم والقدرة { إلى صراط مستقيم * } أي طريق موصل إلى الغرض من غير عوج أصلاً ، وهو الدين الحق ، وذلك مقتض للتقرب{[24815]} المستلزم لسرعة الوصول .


[24808]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[24809]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[24810]:من ظ، وفي الأصل: طريق.
[24811]:سقط من ظ.
[24812]:سقط من ظ.
[24813]:في ظ: فلا ينظر.
[24814]:في ظ: يكثر.
[24815]:في ظ: للقرب.