روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{يُعۡرَفُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ بِسِيمَٰهُمۡ فَيُؤۡخَذُ بِٱلنَّوَٰصِي وَٱلۡأَقۡدَامِ} (41)

{ يُعْرَفُ المجرمون } استئناف يجري مجرى التعليل لانتفاء السؤال ، و { كَرِهَ المجرمون } قيل : من وضع الظاهر موضع الضمير للإشارة إلى أن المراد بعض من الإنس وبعض من الجن وهو المجرمون فيكون ذلك كقوله تعالى : { لاَّ يُسْئَلُ عَن * ذُنُوبِهِمُ المجرمون } [ القصص : 78 ] ، و سيماهم على ما روي عن الحسن سواد الوجوه وزرقة العيون ، وقيل : ما يعلوهم من الكآبة والحزن ، وجوز أن تكون أموراً أخر كالعمى . والبكم . والصمم .

وقرأ حماد بن سليمان بسيمائهم .

{ فَيُؤْخَذُ بالنواصى } جمع ناصية وهي مقدم الرأس { والاقدام } جمع قدم وهي قدم الرجل المعروفة والباء للآلة مثلها في أخذت بخطام الدابة ، والجار والمجرور نائب الفاعل ، وقال أبو حيان : إن الباء للتعدية والفعل مضمن معنى ما يعدي بها أي فيسحب بالنواصي الخ ، وفيه بحث . وظاهر كلام غير واحد أن أل عوض عن المضاف إليه الضمير أي بنواصيهم وأقدامهم ، ونص عليه أبو حيان فقال : أل فيهما عوض عن الضمير على مذهب الكوفيين ، والضمير محذوف على مذهب البصريين أي بالنواصي والأقدام منهم ، وأنت تعلم أن الخلاف بين أهل البلدين فيما إذا احتيج إلى الضمير للربط ولا احتياج إليه هنا ، نعم المعنى على الضمير وكيفية هذا الأخذ على ما روي عن الضحاك أن يجمع الملك بين ناصية أحدهم وقدميه في سلسلة من وراء ظهره ثم بكسر ظهره ويلقيه في النار ، وقيل : تأخذ الملائكة عليهم السلام بعضهم سحباً بالناصية وبعضهم سحباً بالقدم ، وقيل : تسحبهم الملائكة عليهم السلام تارة بأخذ النواصي وتارة بأخذ الأقدام ، قالوا بمعنى أو التي للتقسيم وهو خلاف الظاهر ، وإبهام الفاعل لأنه كالمتعين ، وقيل : للرمز إلى عظمته فقد أخرج ابن مردويه . والضياء المقدسي في صفة النار عن أنس قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «والذي نفسي بيده لقد خلقت ملائكة جهنم قبل أن تخلق جهنم بألف عام فهم كل يوم يزدادون قوة إلى قوتهم حتى يقبضوا على من قبضوا بالنواصي والإقدام »