السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{يُعۡرَفُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ بِسِيمَٰهُمۡ فَيُؤۡخَذُ بِٱلنَّوَٰصِي وَٱلۡأَقۡدَامِ} (41)

{ يعرف } أي : لكل أحد { المجرمون } أي : العريقون في هذا الوصف { بسيماهم } أي العلامات التي صور الله تعالى ذنوبهم فيها ، فجعلها ظاهرة بعد أن كانت باطنة وظاهرة الدلالة عليهم ، كما يعرف الآن الليل إذا جاء لا يخفى على أحد أصلاً وكذا النهار ونحوهما لغير الأعمى ؛ قال البقاعي : وتلك السيمى والله أعلم زرقه العيون ، وسواد الوجوه ، والعمى والصمم والمشي على الوجوه ، ونحو ذلك ، وكما يعرف المحسنون بسيماهم : من بياض الوجوه ، وإشراقها ، وتبسمها ، والغرّة والتحجيل ، ونحو ذلك .

وسبب عن هذه المعرفة قوله تعالى : مشيراً بالبناء للمفعول إلى سهولة الأخذ من أيّ آخذ كان { فيؤخذ بالنواصي } أي : منهم وهي مقدمات الرؤوس { والأقدام } بعد أن يجمع بينها فيسحبون بها سحباً من كل ساحب أقامه الله تعالى لذلك لا يقدرون على الامتناع بوجه فيلقون في النار ؛ وقال الضحاك : يجمع بين ناصيته وقدميه في سلسلة من وراء ظهره وعنه يؤخذ برجلي الرجل فيجمع بينهما وبين ناصيته حتى يندق ظهره ، ثم يلقى في النار ؛ وفعل بالكافر ذلك ليكون أشدّ لعذابه ؛ وقيل : تسحبه الملائكة إلى النار تارة تأخذ بناصيته وتجره على وجهه وتارة تأخذ بقدميه وتسحبه على وجهه .