{ سَنَفْرُغُ لَكُمْ } الفراغ في اللعنة يقتضي سابقة شغل .
والفراغ للشيء يقتضي لأحقيته أيضاً ، والله سبحانه لا يشغله شأن عن شأن فجعل انتهاء الشؤون المشار إليها بقوله تعالى : { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ شَأْنٍ } [ الرحمن : 29 ] يوم القيامة إلى واحد هو جزاء المكلفين فراغاً لهم على سبيل التمثيل لأن من ترك أشغاله إلى شغل واحد يقال : فرغ له وإليه فشبه حال هؤلاء وأخذه تعالى في جزائهم فحسب بحال من فرغ له ، وجازت الاستعارة التصريحية التبعية في { سَنَفْرُغُ } بأن يكون المراد سنأخذ في جزائكم فقط الاشتراك الأخذ في الجزاء فقط ، والفراغ عن جميع المهام إلى واحد في أن المعنى به ذلك الواحد ، وقيل : المراد التوفر في الانتقام والنكاية ، وذلك أن الفراغ للشيء يستعمل في التهديد كثيراً كأنه فرغ عن كل شيء لأجله فلم يبق له شغل غيره فيدل على التوفر المذكور ، وهو كناية فيمن يصح عليه ، ومجاز في غير كالذي نحن فيه ، ولعل مراد ابن عباس . والضحاك بقولهما كما أخرج ابن جرير عنهما هذا وعيد من الله تعالى لعباده ما ذكر ، والخطاب عليه قيل : للمجرمين ، وتعقب بأن النداء الآتي يأباه ، نعم المقصود بالتهديد هم ، وقيل : لا مانع من تهديد الجميع ، ثم إن هذا التهديد إنما هو بما يكون يوم القيامة ، وقول ابن عطية : يحتمل أن يكون ذلك توعداً بعذاب الدنيا مما لا يكاد يلتفت إليه ، وقيل : إن فرغ يكون بمعنى قصد ، واستدل عليه بما أنشده ابن الأنباري لجرير
: ألان وقد ( فرغت ) إلى نمير *** فهذا حين كنت لهم عذاباً
: فرغت إلى العبد المقيد في الحجل *** وفي الحديث «لأتفرغن لك يا خبيث » قال صلى الله عليه وسلم مخاطباً به أزب العقبة يوم بيعتها أي لأقصدن إبطال أمرك ، ونقل هذا عن الخليل . والكسائي . والفراء ، والظاهر أنهم حملوا ما في الآية على ذلك ، فالمراد حينئذ تعلق الإرادة تعلقاً تنجيزياً بجزائهم ، وقرأ حمزة . والكسائي . وأبو حيوة . وزيد بن علي سيفرغ بياء الغيبة ، وقرأ قتادة . والأعرج { سَنَفْرُغُ } بنون العظمة . وفتح الراء مضارع فرغ بكسرها وهو لغة تميم كما أن { سَنَفْرُغُ } في قراءة الجمهور مضارع فرغ بفتحها لغة الحجاز ، وقرأ أبو السمال . وعيسى { سَنَفْرُغُ } بكسر النون وفتح الراء وهي على ما قال أبو حاتم لغة سفلى مضر ، وقرأ الأعمش . وأبو حيوة بخلاف عنهما . وابن أبي عبلة . والزعفراني سيفرغ بضم الياء وفتح الراء مبنياً للمفعول ؛ وقرأ عيسى أيضاً { سَنَفْرُغُ } بفتح النون وكسر الراء ، والأعرج أيضاً سيفرغ بفتح الياء والراء وهي لغة ، وقرئ سأفرغ بهمزة المتكلم وحده ، وقرأ أبيّ { سَنَفْرُغُ } إليكم عداه بإلى فقيل : للحمل على القصد ، أو لتضمينه معناه أي { سَنَفْرُغُ } قاصدين إليكم .
{ أَيُّهَ الثقلان } هما الإنس والجن من ثقل الدابة وهو ما يحمل عليها جعلت الأرض كالحمولة والإنس والجن ثقلاها ، وما سواهما على هذا كالعلاوة ، وقال غير واحد : سميا بذلك لثقلهما على الأرض ، أو لرزانة رأيهما وقدرهما وعظم شأنهما . ويقال لكل عظيم القدر مما يتنافس فيه : ثقل ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي » وقيل : سميا بذلك لأنهما مثقلان بالتكليف ، وعن الحسن لثقلهما بالذنوب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.