إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{يُعۡرَفُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ بِسِيمَٰهُمۡ فَيُؤۡخَذُ بِٱلنَّوَٰصِي وَٱلۡأَقۡدَامِ} (41)

وقولُه تعالَى : { يُعْرَفُ المجرمون بسيماهم } استئنافٌ يَجْرِي مَجْرى التعليلِ لعدمِ السؤالِ ، قيلَ : يُعرفونَ بسوادِ الوجوهِ وزرقةِ العُيونِ ، وقيلَ : بما يعلُوهم منِ الكآبةِ والحُزنِ { فَيُؤْخَذُ بالنواصي والأقدام } الجارُّ والمجرورُ هُو القائمُ مقامَ الفاعلِ ، يُقَالُ أخذَهُ إِذَا كانَ المأخوذُ مقصوداً بالأخذِ ، ومنه قولُه تعالى : { خُذُوا حِذْرَكُمْ } [ سورة النساء ، الآية 71 ] ونحُوه . وأخذَ بهِ إذَا كانَ المأخوذُ شيئاً من ملابساتِ المقصودِ بالأخذِ منه قولُه تعالى : { لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي } [ سورة طه ، الآية 94 ] وقولُ المستغيثِ خُذْ بيدِي أخذَ الله بيدِك . أيْ يُجمعُ بين نواصِيهم وأقدامِهم في سلسلةٍ من وراءِ ظُهورِهم ، وقيلَ : تسحبُهم الملائكةُ ، تارةً تأخذُ بالنَّواصِي وتارةً تأخذُ بالأقدامِ . { فَبِأَي آلاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } .