روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ٱلۡغَٰشِيَةِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الغاشية

مكية بلا خلاف وعدة آياتها ست وعشرون كذلك وكان صلى الله تعالى عليه وسلم كما أخرج مسلم داود والنسائي وابن ماجه عن النعمان بن بشير يقرؤها في الجمعة مع سورتها

ولما أشار سبحانه فيما قبل إلى المؤمن والكافر والجنة والنار إجمالا بسط الكلام ههنا فقال عز قائلا : { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغاشية } قيل هل بمعنى قد وقد ظاهر كلام قطرب حيث قال أي قد جاءك يا محمد حديث الغاشية والمختار أنه للاستفهام وهو استفهام أريد به التعجيب مما في حيزه والتشويق إلى استماع والإشعار بأنه من الأحاديث البديعة التي حقها أن تتناقلها الرواة ويتنافس في تلقنها الوعاة وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن ميمون قال مر النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة تقرأ { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغاشية } فقام عليه الصلاة والسلام يستمع ويقول نعم قد جاءني والغاشية القيامة كما قال سفيان والجمهور وأطلق عليها ذلك لأنها تغشى الناس بشدائدها وتكتنفهم بأهوالها وقال محمد بن كعب وابن جبير هي النار من قوله تعالى : { وتغشى وُجُوهَهُمْ النار } وقوله سبحانه : { وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ } [ إبراهيم : 50 ] [ الأعراف : 41 ] وليس بذاك فان ما سيرى من حديثها ليس مختصاً بالنار وأهلها بل ناطق بأحوال أهل الجنة أيضاً .