التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَإِن مِّن قَرۡيَةٍ إِلَّا نَحۡنُ مُهۡلِكُوهَا قَبۡلَ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ أَوۡ مُعَذِّبُوهَا عَذَابٗا شَدِيدٗاۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي ٱلۡكِتَٰبِ مَسۡطُورٗا} (58)

قوله تعالى : { وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا ( 58 ) وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا ( 59 ) } .

( وإن ) ، حرف نفي بمعنى ما . و ( من ) ، تفيد الاستغراق . وهذا إخبار من الله سبحانه بأنه ما من أهل قرية من قرى الكافرين الضالين إلا سيهلكهم الله إما بموت ، وإما بعذابهم استئصالا ، وذلك بمختلف وجوه العذاب والبلاء . وقيل : المراد سائر الأمم من مؤمنين ومجرمين ؛ فالمؤمنون يهلكهم الله بالموت وهو ما لا مندوحة عنه . وأما المجرمون فيهلكهم بالعذاب الأليم في الدنيا قبل الآخرة . ذلك أن ينتقم من المجرمين الأشرار ومن سائر الطغاة والعصاة بما يصيبهم من البلاء بتعدد أشكاله وصوره كالأسقام والزلازل والقحط والحروب والويلات الاجتماعية والعلل الشخصية ، الفردية والجماعية . كل ذلك يصيب الله به عباده التائهين والناكبين عن دينه وصراطه المستقيم في هذه الدنيا ( قبل يوم القيامة ) وفي هذا اليوم الحافل الموعود يشتد الهول والبلاء ، وتحيط بالمجرمين النار فلا يجدون عنها ملاذا ولا موئلا ( كان ذلك في الكتاب مسطورا ) ( الكتاب ) ، اللوح المحفوظ ، وفيه علم الأولين والآخرين . وما من شيء من أخبار الدنيا والآخرة إلا هو مسطور فيه أي مكتوب . من السطر ، بسكون الطاء ، وهو الخط والكتابة وجمعه أسطر وسطور . واستطر ؛ أي كتب{[2702]} . والمعنى : أن هذا الإهلاك أو التعذيب بالاستئصال مكتوب في اللوح المحفوظ .


[2702]:- مختار الصحاح ص 298.