فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِن مِّن قَرۡيَةٍ إِلَّا نَحۡنُ مُهۡلِكُوهَا قَبۡلَ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ أَوۡ مُعَذِّبُوهَا عَذَابٗا شَدِيدٗاۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي ٱلۡكِتَٰبِ مَسۡطُورٗا} (58)

{ وَإِن مَّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِك فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ( 58 ) }

ثم بين سبحانه مآل الدنيا وأهلها فقال : { وَإِن } نافية للاستغراق { مَّن } أي ما من { قَرْيَةٍ } أي قرية كانت من قرى الكفار { إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا } قال الزجاج : أي ما من أهل قرية إلا سيهلكون إما بموت أو خراب وإما بعذاب يستأصلهم وإنما قال { قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ } لأن إهلاك يوم القيامة ليس بمختص بالقرى الكافرة بل يعم كل قرية لانقضاء عمر الدنيا { أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا } بالقتل وأنواع العقاب إذا كفروا وعصوا .

وقيل الإهلاك للصالحة والتعذيب للطالحة والأول أولى لقوله تعالى : { وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون } قال ابن مسعود : إذا ظهر الزنا والربا في قرية أذن الله في هلاكها وقد ذكر في المدارك عن مقاتل في تفسير هذه الآية عن كتب الضحاك خراب كل قرية خاصة وبلدة معينة بنوع خاص من العذاب وقسم مخصوص من الهلاك وليس بمرفوع حتى يعتمد عليه أو يصار إليه .

{ كَانَ ذَلِك } المذكور من الإهلاك والتعذيب { فِي الْكِتَابِ } أي اللوح المحفوظ قاله إبراهيم التيمي { مَسْطُورًا } أي مكتوبا والسطر الخط وهو في الأصل مصدر والسطر بالتحريك مثله وجمع السطر أسطارا وجمع السطر بالسكون أسطر عن عبادة بن الصامت قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ( إن أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب فقال : ما أكتب ؟ قال : اكتب القدر وما هو كائن إلى يوم القيامة إلى الأبد ) أخرجه الترمذي ( 1 ) {[1080]} .


[1080]:الترمذي، كتاب القدر، باب 17 – تفسير سورة 68.