الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَإِن مِّن قَرۡيَةٍ إِلَّا نَحۡنُ مُهۡلِكُوهَا قَبۡلَ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ أَوۡ مُعَذِّبُوهَا عَذَابٗا شَدِيدٗاۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي ٱلۡكِتَٰبِ مَسۡطُورٗا} (58)

قوله تعالى : { وَإِن مِّن قَرْيَةٍ } : " إن " نافيةٌ و " مِنْ " مزيدةٌ في المبتدأ لاستغراقِ الجنس . وقال ابنُ عطية : " هي لبيانِ الجنسِ ، وفيه نظرٌ مِنْ وجهين ، أحدهما قال الشيخ : " لأنَّ التي للبيان لا بُدَّ أَنْ يتقدَّمَها مبهمٌ ما ، تُفَسّره كقوله : { مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ } [ فاطر : 2 ] ، وهنا لم يتقدَّم شيءٌ مبهمٌ " . ثم قال " ولعلَّ قولَه لبيانِ الجنسِ من الناسخِ ، ويكون هو قد قال : لاستغراقِ الجنس ، ألا ترى أنه قال بعد ذلك : " وقيل : المرادُ الخصوصُ " .

وخبرُ المبتدأ الجملةُ المحصورةُ مِنْ قولِه : { إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا } .

والثاني : أنَّ شَرْطَ ذلك أَنْ يَسْبِقَها مُحَلَّى بأل الجنسية ، وأن يَقَعَ موقعَها " الذي " كقولِه : { فَاجْتَنِبُواْ الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ } [ الحج : 30 ] .