البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَإِن مِّن قَرۡيَةٍ إِلَّا نَحۡنُ مُهۡلِكُوهَا قَبۡلَ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ أَوۡ مُعَذِّبُوهَا عَذَابٗا شَدِيدٗاۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي ٱلۡكِتَٰبِ مَسۡطُورٗا} (58)

و { إن من قرية } { إن } نافية و { من } زائدة في المبتدأ تدل على استغراق الجنس ، والجملة بعد { إلاّ } خبر المبتدأ .

وقيل : المراد الخصوص والتقدير وإن من قرية ظالمة .

وقال ابن عطية : ومن لبيان الجنس انتهى .

والتي لبيان الجنس على قول من يثبت لها هذا المعنى هو أن يتقدم قبل ذلك ما يفهم منه إبهام ما فتأتي { من } لبيان ما أريد بذلك الذي فيه إبهام ما .

كقوله { ما يفتح الله للناس من رحمة } وهنا لم يتقدم شيء مبهم تكون من فيه بياناً له ، ولعل قوله لبيان الجنس من الناسخ ويكون هو قد قال لاستغراق الجنس ألا ترى أنه قال بعد ذلك .

وقيل : المراد الخصوص انتهى .

والظاهر أن جميع القرى تهلك قبل يوم القيامة وإهلاكها تخريبها وفناؤها ، ويتضمن تخريبها هلاك أهلها بالاستئصال أو شيئاً فشيئاً أو تعذب والمعنى أهلها بالقتل وأنواع العذاب .

وقيل : الهلاك للصالحة والعذاب للطالحة .

وقال مقاتل : وجدت في كتب الضحاك بن مزاحم في تفسيرها : أما مكة فتخربها الحبشة ، وتهلك المدينة بالجوع ، والبصرة بالغرق ، والكوفة بالترك ، والجبال بالصواعق .

والرواجف ، وأما خراسان فعذابها ضروب ثم ذكرها بلداً بلداً ونحو ذلك عن وهب بن منبه فذكر فيه أن هلاك الأندلس وخرابها يكون بسنابك الخيل واختلاف الجيوش .

{ كان ذلك في الكتاب مسطوراً } أي في سابق القضاء أو في اللوح المحفوظ أي مكتوباً أسطاراً