التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{ذَٰلِكَ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَۖ قَوۡلَ ٱلۡحَقِّ ٱلَّذِي فِيهِ يَمۡتَرُونَ} (34)

قوله تعالى : { ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ( 34 ) ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ( 35 ) وإن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم ( 36 ) فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم ( 37 ) أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين ( 38 ) وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون ( 39 ) إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون ( 40 ) } .

الإشارة ، ( ذلك ) ، في موضع رفع مبتدأ . ( عيسى ) خبره . ( ابن مريم ) صفته . والمعنى : أن هذا الذي قصصت عليكم من خبره والذي حملته مريم من غير أب وكلم الناس في المهد هو عيسى ابن مريم ، فقولوا فيه مثلما أخبرتكم عنه لا ما قالت عنه اليهود ؛ إذ افتروا على مريم البهتان والباطل في ولادتها عيسى من غير أب ، ولا ما قالت النصارى ؛ إذ غالوا فيه مغالاة فقالوا : إنه إله أو ابن إله تعالى الله عن هذا الباطل علوا عظيما .

قوله : ( قول الحق ) قرئ ( قول ) بالرفع والنصب . فمن قرأ بالرفع كان مرفوعا ؛ لأنه خبر لمبتدأ محذوف وتقديره : ذلك قول الحق . أو هذا قول الحق . ومن قرأه بالنصب ، كان منصوبا على المصدر ، وتقديره : أقول قول الحق{[2899]} فهذا هو القول الحق في عيسى ابن مريم ( الذي فيه يمترون ) أي يختصمون ويختلفون ، ويفترون قول الأباطيل ؛ إذ قالت اليهود إنه ساحر كذاب . وزعمت النصارى أنه ابن الله ، وأنه ثالث ثلاثة . وذلك كله مراء بالكذب والباطل .


[2899]:- البيان لابن الأنباري جـ2 ص 126.