الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{ذَٰلِكَ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَۖ قَوۡلَ ٱلۡحَقِّ ٱلَّذِي فِيهِ يَمۡتَرُونَ} (34)

أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : { ذلك عيسى ابن مريم قول الحق } قال : الله عز وجل ، الحق .

وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : { الذي فيه يمترون } قال : اجتمع بنو إسرائيل فأخرجوا منهم أربعة نفر ، أخرج من كل قوم عالمهم فتشاوروا في عيسى حين رُفِعَ ، فقال أحدهم : هو الله هبط إلى الأرض فأحيى من أحيى وأمات من أمات ، ثم صعد إلى السماء ، وهم اليعقوبية فقالت الثلاثة : كذبت . ثم قال اثنان منهم للثالث : قل فيه . فقال : هو ابن الله ، وهم النسطورية . فقال اثنان : كذبت . ثم قال أحد الإثنين للآخر : قل فيه . قال : هو ثالث ثلاثة : الله إله ، وعيسى إله ، وأمه إله . وهم الإسرائيلية وهم ملوك النصارى . فقال الرابع : كذبت . . هو عبد الله ورسوله وروحه من كلمته ، وهم المسلمون ، فكان لكل رجل منهم أتباع على ما قال ، فاقتتلوا فظهر على المسلمين . فذلك قول الله { ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس } [ آل عمران : 21 ] قال قتادة : وهم الذين قال الله { فاختلف الأحزاب من بينهم } قال : اختلفوا فيه فصاروا أحزاباً ، فاختلف القوم ، فقال المرء المسلم : أنشدكم . . . هل تعلمون أن عيسى كان يطعم الطعام ، وأن الله لا يطعم الطعام ؟ قالوا : اللهم نعم . قال : فهل تعلمون أن عيسى كان ينام ، وأن الله لا ينام ؟ قالوا : اللهم نعم . فخصمهم المسلمون فانسل القوم ، فذكر لنا أن اليعقوبية ظهرت يومئذ ، وأصيب المسلمون ، فأنزل الله في ذلك القرآن { فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم } [ مريم : 37 ] .