الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ مِنۡ عَلَقَةٖ ثُمَّ يُخۡرِجُكُمۡ طِفۡلٗا ثُمَّ لِتَبۡلُغُوٓاْ أَشُدَّكُمۡ ثُمَّ لِتَكُونُواْ شُيُوخٗاۚ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبۡلُۖ وَلِتَبۡلُغُوٓاْ أَجَلٗا مُّسَمّٗى وَلَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ} (67)

ثم قال تعالى { هو الذي خلقكم من تراب } يعني آدم{[59849]} .

{ ثم من نطفة ثم من علقة } – إلى آخر الآية ، يعني به ذرية آدم قوله : { ثم لتكونوا شيوخا } هذا جمع للعدد الكثير وحكم القليل فيه ( أشيخ ){[59850]} كفلس وأفلس{[59851]} . إلا أنهم استثقلوا الضمة على الياء . فشبهوا باب فعل بفعل{[59852]} . وحق فعل في القليل أن يجمع{[59853]} على أفعال{[59854]} كجمل{[59855]} وأجمال فجمعوا فعلا{[59856]} عند الاستثقال بضمة{[59857]} الياء على ( أفعال ) فقالوا : أشياخ . والأصل : ( أشيخ ، ومثله{[59858]} زيد ) وأزياد ، والأصل أزيد . فإن اضطر شاعر جاز أن يأتي به على أفعال فيقول{[59859]} أزيد وأشيخ كما قولوا : عين وأعين وإنما حسن في أعين في غير الشعر{[59860]} لأنها مؤنثة{[59861]} . والشيخ ما جاوز{[59862]} الأربعين{[59863]} .

وهذه الآية حجة على المشركين وتنبيه{[59864]} لهم على قدرة الله عز وجل .

وأن من قدر على هذه الأشياء قادر على إحياء الموتى ، فضرب ذلك لهم ونبههم عليه لعلهم يعقلون ما دعوا إليه فيتوبون من الكفر .

وقوله : { ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا } متعلق بمضمر{[59865]} إذ ليس بمتصل بما{[59866]} قبله في{[59867]} اللفظ .

والتقدير : ثم من علقة ، ثم يعمركم{[59868]} لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا .

{ ومنكم من يتوفى من قبل } أي قبل هذا كله ، وهو السقط{[59869]} وشبهه ، نحو الإزلاق{[59870]} وهو ما سقط نطفة{[59871]} ، ومثل الإجهاض وهو ما سقط مضغه ، والإسقاط ما سقط تام الخلق .

وقد قال الخليل : ( الإجهاض : التام ){[59872]} الخلق . وعلى الأول أكثر الناس .

وقوله : { أجلا مسمى } يعني به أجل الموت للكل{[59873]} ، أي : يعمركم لتبلغوا أجل الموت .

وقوله : { أشدكم } ، قيل : ( ثمان عشرة ){[59874]} سنة . وقال ربيعة{[59875]} ( ومالك : الأشد الخلق ){[59876]} . وقيل : الأشد : ثلاث وثلاثون{[59877]} سنة .


[59849]:(ح): آدم صلى الله عليه وسلم.
[59850]:(ت): أشخ.
[59851]:(ت): وفلس.
[59852]:(ح): لفعل.
[59853]:(ت): يجمعوا.
[59854]:(ح): فعال.
[59855]:في طرة (ت).
[59856]:فوق السطر في (ت).
[59857]:(ح): لضمة.
[59858]:(ت): (أشخ وزيد مثله).
[59859]:(ت): فتقول.
[59860]:(ت): الشعير.
[59861]:انظر: إعراب النحاس 4/41.
[59862]:في طرة (ت).
[59863]:انظر: إعراب النحاس 4/41.
[59864]:في طرة (ت).
[59865]:(ت): بضمير.
[59866]:(ح): ما.
[59867]:(ت): وظاهر.
[59868]:(ح): يعمر.
[59869]:جاء في المخصص لابن سيده 1/20 عن ثابت (فإذا ألقت ولدها لغير تمام فهو سقط وسقط وسقط. وقال قطرب في مثلثاته 45: (وأما السقط: فالولد الغير التام).
[59870]:(ت): الأرطلق.
[59871]:منطمس في (ت).
[59872]:(ح): والإجهاض التام.
[59873]:(ت): لكن.
[59874]:(ح): ثماني عشر.
[59875]:هو ربيعة بن أبي عبد الرحمن، واسمه فروخ التيمي، أبو عثمان المدني الفقيه، المعروف بربيعة الرأي. روى عن أنس والسائب بن زيد، وروى عنه مالك والليث وسليمان التيمي. توفي سنة 130 هـ، وقيل: 136. انظر: تذكرة الحفاظ 1/157 ت 153، وتقريب التهذيب 1/247 ت 136 وشجرة النور الزكية 46 ت 1.
[59876]:(ح): (هذا الأشد الحلم).
[59877]:(ح): هذا الأشد الحلم.