إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ مِنۡ عَلَقَةٖ ثُمَّ يُخۡرِجُكُمۡ طِفۡلٗا ثُمَّ لِتَبۡلُغُوٓاْ أَشُدَّكُمۡ ثُمَّ لِتَكُونُواْ شُيُوخٗاۚ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبۡلُۖ وَلِتَبۡلُغُوٓاْ أَجَلٗا مُّسَمّٗى وَلَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ} (67)

{ هُوَ الذي خَلَقَكُمْ من تُرَابٍ } أيْ في ضمنِ خلقِ آدمَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ منه حسبَما مرَّ تحقيقُه مراراً . { ثُمَّ مِن نطْفَةٍ } أي ثمَّ خلقكُم خلقاً تفصيلياً من نطفة أي مني . { ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً } أي أطفالاً . والإفراد لإرادة الجنسِ ، أو لإرادةِ كلِّ واحدٍ من أفرادِه . { ثُمَّ لِتَبْلُغُواْ أَشُدَّكُمْ } علةٌ ليخرجَكم معطوفةً على علةٍ أُخرى له مناسبةٌ لها كأنَّه قيلَ ثم يُخرجَكُم طِفْلاً لتكبَروا شيئاً فشيئاً ثم لتبلُغوا كمالَكُم في القوةِ والعقلِ وكَذا الكلامُ في قولِه تعالى : { ثُمَّ لِتَكُونُواْ شُيُوخاً } ويجوزُ عطفُه عَلى لتبلغُوا . وقرئ شيخاً كقولِه تعالَى طِفْلاً { وَمِنكُمْ من يتوفى مِن قَبْلُ } أي من قبلِ الشيخوخةِ بعد بلوغِ الأشدِّ أو قبلَه أيضاً . { وَلِتَبْلُغُواْ } متعلقٌ بفعلٍ مقدرٍ بعدَهُ أي ولتبلغُوا { أَجَلاً مُّسَمًّى } هُو وقتُ الموتِ ، أو يومَ القيامةِ يفعلُ ذلكَ { وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } ولكي تعقلُوا ما في ذلكَ من فنونِ الحِكَمِ والعِبر