هذه السورة مكية وآياتها تسع وعشرون . وهي ، حقا مرعبة مفزعة ، فما يقرأها متدبر خاشع أو يتملاها وخياله وجنانه حتى تأخذه موجة من الذهول العارم ، وتغشاه غاشية من الفزع والوجوم . ذلك ما يستشعره المرء وهو يتلو هاتيك الآيات المتتابعة من هذه السورة العجيبة . آيات مفعمة عجاب يتبع بعضها بعضا في تعاقب رتيب مثير ، وفي إيقاع شديد بالغ يصخّ رنينه أعماق القلب و الحس فيشدههما شدها . ولا عجب فإنك ترى السورة بآياتها الندية وكلماتها المفخمة العذاب تنشر للخيال صورة وافية متكاملة عن أحداث القيامة وقوارعها العظام . فما يتلو القارئ هذه الآيات والكلمات حتى ليوشك أن ينظر إلى القيامة فيراها رأي العين . وفي ذلك أخرج أحمد والترمذي والطبراني والحاكم عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من سرّه أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي عين فليقرأ : { إذا الشمس كوّرت ، وإذا السماء انفطرت ، وإذا السماء انشقت } " .
أما يوم القيامة فإنه بفظاعته وجسيم أحداثه ونوازله لهو أشبه بانقلاب كوني رعيب مخوف يأتي على الوجود كله فيهدّه هدّا ويدركه أيما اندكاك ثم يبدل كل شيء فيه تبديلا .
{ إذا الشمس كوّرت 1 وإذا النجوم انكدرت 2 وإذا الجبال سيّرت 3 وإذا العشار عطلت 4 وإذا الوحوش حشرت 5 وإذا البحار سجّرت 6 وإذا النفوس زوّجت 7 وإذا الموءودة سئلت 8 بأي ذنب قتلت 9 وإذا الصحف نشرت 10 وإذا السماء كشطت 11 وإذا الجحيم سعرت 12 وإذا الجنة أزلفت 13 علمت نفس ما أحضرت } .
هذه جملة أحداث مريعة في يوم القيامة ، وهي تكشف عن فظاعة هذا اليوم العصيب . لا جرم أن الساعة حدث مفظع هائل يفوق البال ويجاوز كل تصور وحسبان . إنه انفلات كامل لنواميس هذا الكون ونهاية عظمى لحركة الحياة في هذه الدنيا . بل إنه انقلاب شامل يأتي على الوجود كله فيبدله تبديلا . وهذه حقائق كبريات تكشف عنها هذه الآيات المؤثرة المصوّرة أيما تأثير وتصوير وهي قوله : { إذا الشمس كوّرت } من التكوير وهو جمع الشيء بعضه على بعض . ومنه تكوير العمامة وجمع الثياب بعضها إلى بعض . وكورت ، أي جمع بعضها إلى بعض ثم لفت فرمي بها وطرحت عن فلكها . وقيل : طرحت في جهنم لازدياد حرها ولهيبها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.