البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِذَا ٱلشَّمۡسُ كُوِّرَتۡ} (1)

مقدمة السورة:

سورة التكوير

هذه السورة مكية . ومناسبتها لما قبلها في غاية الظهور .

{ إِذَا الشَّمْسُ كُوّرَتْ } .

وتكوير الشمس ، قال ابن عباس : إدخالها في العرش . وقال مجاهد وقتادة والحسن : ذهاب ضوئها . وقال الربيع بن خثيم : رمى بها ، ومنه : كورته فتكوّر . وقال أبو صالح : نكست ؛ وعن ابن عباس أيضاً : أظلمت ؛ وعن مجاهد : اضمحلت . وقيل : غوّرت ؛ وقيل : يلف بعضها ببعض ويرمى بها في البحر . وقال أبو عبيدة : كورت مثل تكوير العمامة . وقال القرطبي : من كار العمامة على رأسه يكورها ، أي لأنها وجمعها ، فهي تكور ، ثم يمحي ضوءها ، ثم يرمي بها . إقال الزمخشري : فإن قلت : ارتفاع الشمس على الابتداء أو الفاعلية ؟ قلت : بل على الفاعلية ، رافعها فعل مضمر يفسره { كورت } ، لأن إذا يطلب الفعل لما فيه من معنى الشرط . انتهى .

ومن طريقته أنه يسمي المفعول الذي لم يسم فاعله فاعلاً ، ولا مشاحة في الاصطلاح .

وليس ما ذكر من الإعراب مجمعاً على تحتمه عند النحاة ، بل يجوز رفع الشمس على الابتداء عند الأخفش والكوفيين ، لأنهم يجيزون أن تجيء الجملة الاسمية بعد إذا ، نحو : إذا زيد يكرمك فأكرمه .