قوله تعالى : { إِذَا الشمس كُوِّرَتْ } : في ارتفاع الشمس وجهان :
أصحهما : أنها مرفوعة بفعل مقدر مبني للمفعول ، حذف وفسَّره ما بعده على الاشتغال ، والرفع على هذا الوجه ، أعني : إضمار الفعل واجبٌ عند البصريين ؛ لأنهم لا يجيزون أن يليها غيره ، ويتَأوَّلُون ما أوهمَ خلافَ ذلكَ .
والثاني : أنَّها مرفوعة بالابتداء ، وهو قول الكوفيين ، والأخفش ، لظواهر جاءت في الشعر ، وانتصر له ابن مالك .
قال الزمخشري{[59423]} : ارتفاع «الشمس » على الابتداء ، أو الفاعليَّة ؟ .
قلت : بل على الفاعلية ثم ذكر نحو ما تقدم ، ويعني بالفاعلية : ارتفاعها بفعل الجملة ، وقد مرَّ أنَّهُ يسمي مفعول ما لم يسم فاعله فاعلاً ، وارتفاع «النجوم » وما بعدها ، كما تقدَّم في «الشمس » .
قد تقدَّم تفسير التَّكوير في أول «تنزيل » .
قيل : التَّلفيف على جهةِ الاستدارة ، كتكوير العمامة .
وفي الحديث : «نعُوذُ باللهِ مِنَ الحَوْرِ بَعدَ الكَوْرِ » ، أي : من التشتت بعد الألفة .
وقيل : من فساد أمورنا بعد صلاحها .
والحَوْرُ : بالحاء المهملة والراء ؛ الطيُّ واللَّف ، والكورُ والتَّكويرُ واحدٌ .
وسميت كارَّة القصار : كارة ؛ لأنه يجمع ثيابه في ثوب واحد .
ثم إن الشيء الذي يلفّ يصير مختفياً عن الأعين ، فعبر عن إزالة النور عن جرم الشمس ، وغيبوبتها عن الأعين ب «التكوير » .
فلهذا قال ابن عباسٍ رضي الله عنهما : تكويرها : إدخالها في العرش{[59424]} .
وقال الحسنُ : ذهاب ضوئها{[59425]} ، وهو قول مجاهدٍ وقتادة .
وروي عن ابن عباس أيضاً وسعيد بن جبير : غورت{[59426]} .
وقال الرًّبيعُ بنُ خيثمٍ : «كُوِّرتْ » : رمي بها .
قال الأصمعي : يقال : طعنه فكوَّره وحوره أي : صرعه .
فمعنى «كورت » : أي : ألقيت ورميت عن الفلك .
وقال ابن الخطيب{[59427]} : وروي عن عمر{[59428]} - رضي الله عنه - أن لفظة «كُوِّرتْ » مأخوذةٌ من الفارسية ، فإنه يقال للأعمى : كور{[59429]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.