فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِذَا ٱلشَّمۡسُ كُوِّرَتۡ} (1)

مقدمة السورة:

سورة التكوير

وهي تسع وعشرون آية وهي مكية بلا خلاف . وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت سورة { إذا الشمس كورت } بمكة . وأخرج ابن مردويه عن عائشة وابن الزبير مثله . وأخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من سرّه أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي عين فليقرأ : { إذا الشمس كورت } ، { إذا السماء انفطرت } ، { إذا السماء انشقت } » .

قوله : { إِذَا الشمس كُوّرَتْ } ارتفاع الشمس بفعل محذوف يفسره ما بعده على الاشتغال ، وهذا عند البصريين . وأما عند الكوفيين والأخفش ، فهو مرتفع على الابتداء . والتكوير الجمع ، وهو مأخوذ من كار العمامة على رأسه يكورها . قال الزجاج : لفت كما تلف العمامة يقال : كورت العمامة على رأسي أكورها كوراً ، وكوّرتها تكويراً : إذا لففتها . قال أبو عبيدة : كورت مثل تكوير العمامة تلف فتجمع . قال الربيع بن خثيم : { كورت } أي رمى بها ، ومنه كورته فتكوّر : أي سقط . وقال مقاتل وقتادة والكلبي : ذهب ضوؤها . وقال مجاهد : اضمحلت . قال الواحدي : قال المفسرون : تجمع الشمس بعضها إلى بعض ثم تلف ، فيرمى بها . فالحاصل أن التكوير إما بمعنى لفّ جرمها ، أو لفّ ضوئها ، أو الرمي بها .

/خ29