التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{وَلَيَحۡمِلُنَّ أَثۡقَالَهُمۡ وَأَثۡقَالٗا مَّعَ أَثۡقَالِهِمۡۖ وَلَيُسۡـَٔلُنَّ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ عَمَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (13)

بعد أن كذبهم في قولهم { ولنحمل خطاياكم } [ العنكبوت : 12 ] وكشف كيدهم بالمسلمين عطف عليه ما أفاد أنهم غير ناجين من حمل تبعات لأقوام آخرين وهم الأقوام الذين أضلوهم وسوَّلوا لهم الشرك والبهتان على وجه التأكيد بحملهم ذلك . فذِكر الحمل تمثيل . والأثقال مجاز عن الذنوب والتبعات . وهو تمثيل للشقاء والعناء يوم القيامة بحال الذي يحمل متاعه وهو موقر به فيزاد حمل أمتعة أناس آخرين .

وقد علم من مقام المقابلة أن هذا حمل تثقيل وزيادة في العذاب وليس حملاً يدفع التبعة عن المحمول عنه ، وأن الأثقال المحمولة مع أثقالهم هي ذنوب الذين أضلوهم وليس من بينها شيء من ذنوب المسلمين لأن المسلمين سالمون من تضليل المشركين بما كشف الله لهم من بهتانهم .

وجملة { وليسألُنّ يوم القيامة عما كانون يفترون } تذييل جامع لمؤاخذتهم بجميع ما اختلقوه من الإفك والتضليل سواء ما أضلوا به أتباعهم وما حاولوا به بتضليل المسلمين فلم يقعوا في أشراكهم ، وقد شمل ذلك كله لفظ الافتراء ، كما عبر عن محاولتهم تغرير المسلمين بأنهم فيه كاذبون .