نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَلَيَحۡمِلُنَّ أَثۡقَالَهُمۡ وَأَثۡقَالٗا مَّعَ أَثۡقَالِهِمۡۖ وَلَيُسۡـَٔلُنَّ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ عَمَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (13)

ولما كان كل من أسلك أحداً طريقاً كان شريكه في عمله فيها ، فكان عليه مثل وزره إن كانت طريق ردى ، وله مثل أجره إن كانت سبيل هدى ، قال تعالى مؤكداً لإنكارهم الآخرة وكل ما فيها : { وليحملن } أي الكفرة { أثقالهم } التي حملوها أنفسهم الضعيفة بما اكتسبوا { وأثقالاً } أخرى لغيرهم { مع أثقالهم } بما تسببوا به من إضلال غيرهم ، ومن تأصيل السنن الجائرة الجارية بعدهم ، فمن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص أحدهم من حمل الآخرة شيئاً .

ولما كان للسؤال على طريق الازدراء والإذلال ، من الرعب في القلب ما ليس للأفعال قال : { وليسألن } أي من كل من أمره المولى بسؤالهم { يوم القيامة } أي الذي هم به مكذبون ، وله مستهينون والتأكيد إما لإنكارهم ذلك اليوم ، أو لظن أن العالم لا يسأل عما يعلمه ، { عما كانوا } أي بغاية الرغبة { يفترون* } أي يتعمدون كذبه ، ويُعملون أفكارهم في ارتكابه ويواظبون عليه ، والتعبير بصيغة الافتعال يدل على أنهم كانوا يعلمون صدق الرسول صلى الله عليه وسلم ويتعمدون الكذب في وعدهم لمن غروه .