الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَلَيَحۡمِلُنَّ أَثۡقَالَهُمۡ وَأَثۡقَالٗا مَّعَ أَثۡقَالِهِمۡۖ وَلَيُسۡـَٔلُنَّ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ عَمَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (13)

12

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن المنذر عن ابن الحنفية رضي الله عنه قال : كان أبو جهل وصناديد قريش يتلقون الناس إذا جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسلمون ، يقولون : إنه يحرم الخمر ، ويحرم الزنا ، ويحرم ما كانت تصنع العرب ، فارجعوا فنحن نحمل أوزاركم . فنزلت هذه الآية { وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم } .

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه { وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم } قال : هي مثل التي في النحل { ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم } [ النحل : 25 ] .

وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه { وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم } قال : حملهم ذنوب أنفسهم ، وذنوب من أطاعهم ، ولا يخفف ذلك عمن أطاعهم من العذاب شيئاً .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « أيما داع دعا إلى هدى فاتبع عليه وعمل به فله مثل أجور الذين اتبعوه ولا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ، وأيما داع دعا إلى ضلالة فأتبع عليها وعمل بها فعليه مثل أوزار الذين اتبعوه ولا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً » قال عون : وكان الحسن رضي الله عنه مما يقرأ عليها { وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم . . } إلى آخر الآية .

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « إياكم والظلم فإن الله يقول يوم القيامة : وعزتي لا يجيزني اليوم ظلم ، ثم ينادي مناد فيقول : أين فلان ابن فلان ؟ فيأتي فيتبعه من الحسنات أمثال الجبال ، فيشخص الناس إليها أبصارهم ، ثم يقوم بين يدي الرحمن ، ثم يأمر المنادي ينادي : من كانت له تباعة أو ظلامة عند فلان ابن فلان فهلم ، فيقومون حتى يجتمعوا قياماً بين يدي الرحمن فيقول الرحمن : اقضوا عن عبدي فيقولون : كيف نقضي عنه ؟ فيقول : خذوا له من حسناته . فلا يزالون يأخذون منها حتى لا تبقى منها حسنة ، وقد بقي من أصحاب الظلامات فيقول : اقضوا عن عبدي فيقولون : لم يبق له حسنة فيقول : خذوا من سيئاته ، فاحملوها عليه ، ثم نزع النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الآية { وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم } » .

وأخرج أحمد عن حذيفة رضي الله عنه قال : سأل رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمسك القوم ، ثم إن رجلاً أعطاه ، فأعطى القوم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم « من سن خيراً فاستن به كان له أجره ومن أجور من تبعهم غير منتقص من أجورهم شيئاً ، ومن أسن شراً فاستن به كان عليه وزره ومن أوزار من تبعه غير منتقص من أوزارهم شيئاً » .

وأخرج الترمذي وحسنه وابن مردويه عن أبي هريرة وأبي الدرداء قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « سيروا سبق المفردون . قيل : يا رسول الله ومن المفردون ؟ قال : الذين يهترون في ذكر الله ، يضع الذكر عنهم أثقالهم ، فيأتون يوم القيامة خفافاً » .