التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{يَوۡمَ يَبۡعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِيعٗا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوٓاْۚ أَحۡصَىٰهُ ٱللَّهُ وَنَسُوهُۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ} (6)

يجوز أن يكون { يوم } ظرفاً متعلقاً بالكون المقدّر في خبر المبتدأ من { للكافرين عذاب مهين } [ المجادلة : 5 . ]

ويجوز أن يكون متعلقاً ب { مهين } ، ويجوز أن يكون منصوباً على المفعول به لفعل تقديره : أذكر تنويهاً بذلك اليوم وتهويلاً عليهم ، وهذا كثير في أسماء الزمان التي وقعت في القرآن . وقد تقدم في قوله تعالى : { وإذ قال ربك للملائكة أني جاعل في الأرض خليفة } في سورة [ البقرة : 30 ] .

وضمير الجمع عائد إلى { الذين يحادون الله ورسوله } و { الذين من قبلهم } [ المجادلة : 5 ] . ولذلك أتى بلفظ الشمول وهو { جميعاً } حالاً من الضمير .

وقوله : { فينبئهم بما عملوا } تهديد بفضح نفاقهم يوم البعث . وفيه كناية عن الجزاء على أعمالهم .

وجملة { أحصاه الله ونسوه } في موضع الحال من ( ما عملوا ) .

والمقصود من الحال هو ما عطف عليها من قوله : { ونسوه } لأن ذلك محلّ العبرة . وبه تكون الحال مؤسسة لا مؤكدة لعاملها ، وهو « ينبئهم » ، أي علمه الله علماً مفصلاً من الآن ، وهم نسوه ، وذلك تسجيل عليهم بأنهم متهاونون بعظيم الأمر وذلك من الغرور ، أي نسوه في الدنيا بَلْهَ الآخرة فإذا أُنبئوا به عجبوا قال تعالى : { ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً } [ الكهف : 49 ] .

وجملة { والله على كل شيء شهيد } تذييل . والشهيد : العالم بالأمور المشاهدة .