إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{يَوۡمَ يَبۡعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِيعٗا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوٓاْۚ أَحۡصَىٰهُ ٱللَّهُ وَنَسُوهُۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ} (6)

{ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ الله } منصوبٌ بمَا تعلقَ بهِ اللامُ منَ الاستقرارِ أوْ بمهينٍ أو بإضمارِ أذكُرْ تعظيماً لليومِ وتهويلاً لَهُ { جَمِيعاً } أيْ كُلُّهم بحيثُ لاَ يَبْقَى منهُمْ أحدٌ غيرُ مبعوثٍ أوْ مجتمعينَ في حالةٍ واحدةٍ { فَيُنَبّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا } منَ القبائحِ ببيانِ صُدورِها عنهُمْ أوْ بتصويرِهَا في تلكَ النشأةِ بما يليقُ بَها منَ الصورِ الهائلةِ عَلى رؤوسِ الإشهادِ تخجيلاً لهُم وتشهيراً بحالِهم وتشديداً لعذابهم وَقولُه تعالَى : { أحصاه الله } استئنافٌ وقعَ جَواباً عمَّا نشأَ ممَّا قبلَهُ منَ السؤالِ إمَّا عنْ كيفيةِ التنبئةِ أو عنْ سببِهَا كأنَّه قيلَ كيفَ ينبئُهمْ بأعمالِهم وهيَ أعراضٌ متقضيةٌ متلاشيةٌ فقيلَ أحصاهُ الله عدداً لمْ يفُتْهُ منْهُ شيءٌ فقولُه تعالَى : { وَنَسُوهُ } حينئذٍ حالٌ من مفعولِ أَحْصَى بإضمار قد أو بدونه على الخلاف المشهور أو قيل لم ينبئهم بذلك فقيل أحصاه الله ونسوهُ فينبئهمْ بهِ ليعرفُوا أنَّ مَا عاينُوه من العذابِ إنما حاقَ بهمْ لأجلِهِ فيهِ مزيدُ توبيخٍ وتنديمٍ لهُم غيرِ التخجيلِ والتشهير { والله على كُلّ شَيء شَهِيدٌ } لا يغيبُ عنهُ أمرٌ منِ الأمورِ قطُّ والجملةُ اعتراضُ تذييليُّ مقررٌ لإحصائِهِ تعَالَى .