المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَكُمۡ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسۡرَحُونَ} (6)

وقوله { جمال } أي في المنظر . و { تريحون } معناه حين تردونها وقت الرواح إلى المنازل فتأتي بطاناً ممتلئة الضروع ، و { تسرحون } معناه تخرجونها غدوة إلى السرح ، تقول سرحت السائمة إذا أرسلتها تسرح فسرحت هي ، كرجع رجعته ، وهذا «الجمال » هو لمالكها ولمحبيه وعلى حسدته{[7249]} وهذا المعنى كقوله تعالى { المال والبنون زينة الحياة الدنيا }{[7250]} [ الكهف : 46 ] وقرأ عكرمة والضحاك «حينما تريحون حيناً تسرحون »{[7251]} ، وقرأت فرقة «وحيناً ترتحون » .

قال القاضي أبو محمد : وأظنها تصحيفاً .


[7249]:الجمال: الحسن، يقال: جمل الرجل جمالا فهو جميل، والمرأة جميلة، وقد يقال: جملاء، وأنشد الكسائي على ذلك: فهي جملاء كبدر طالع بَّذت الخلق جميعا بالجمال
[7250]:من الآية (46) من سورة (الكهف).
[7251]:بالتنوين وفك الإضافة، وجعلا الجملتين صفين حذف منهما العائد، كقوله سبحانه: {واتقوا يوما لا تجزى}، ويكون العامل في (حينا) ـ على هذا ـ إما المبتدأ لأنه في معنى "التجمل"، وإما بما فيه من معنى الاستقرار.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَكُمۡ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسۡرَحُونَ} (6)

جملة { ولكم فيها جمال } عطف على جملة { لكم فيها دفء } .

وجملة { ومنها تأكلون } عطف على جملة { لكم فيها دفء } . وهذا امتنان بنعمة تسخيرها للأكل منها والتغذي ، واسترداد القوة لما يحصل من تغذيتها .

وتقديم المجرور في قوله تعالى : { ومنها تأكلون } للاهتمام ، لأنهم شديدو الرغبة في أكل اللحوم ، وللرعاية على الفاصلة . والإتيان بالمضارع في { تأكلون } لأن ذلك من الأعمال المتكررة .

والإراحة : فعل الرواح ، وهو الرجوع إلى المعاطن ، يقال : أراح نعمهُ إذا أعادها بعد السروح .

والسروح : الإسامة ، أي الغدُوّ بها إلى المراعي . يقال : سَرَحها بتخفيف الراء سَرحاً وسُروحاً ، وسرّحها بتشديد الراء تسريحاً .

وتقديم الإراحة على التسريح لأن الجمال عند الإراحة أقوى وأبهج ، لأنها تقبل حينئذٍ مَلأى البطون حافلة الضروع مَرحة بمسرّة الشبع ومحبّة الرجوع إلى منازلها من معاطن ومرابض .

والإتيان بالمضارع في { تريحون } و { تسرحون } لأن ذلك من الأحوال المتكررة . وفي تكررها تكرر النعمة بمناظرها .