فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَكُمۡ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسۡرَحُونَ} (6)

{ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ( 6 ) }

{ وَلَكُمْ فِيهَا } مع ما تقدم ذكره { جَمَالٌ } هو ما يتجمل به ويتزين والحسن والمعنى هنا لكم فيها تجمل وتزين عند الناظرين إليها { حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ } أي في هذين الوقتين وهما وقت ردها من مراعيها ووقت تسريحها إليها فالرواح والإراحة رجوعها بالعشي وردها من المراعي والسراح مسيرها إلى مراعيها بالغداة .

يقال سرحت الإبل أسرحها سرحا وسروحا إذا غدوت بها إلى المرعى وقدم الإراحة على التسريح مع أنه خلاف الواقع لأن منظرها عند الإراحة أجمل وذواتها أحسن لكونها في تلك الحالة قد نالت حاجتها من الأكل والشرب فعظمت بطونها وانتفخت ضروعها فيفرح أهلها بها بخلاف تسريحها إلى المرعى فإنها تخرج جائعة البطون ضامرة الضروع .

وخص هذين الوقتين لأنهما وقت نظر الناظرين إليها لأنها عند استقرارها في الحظائر لا يراها احد ، وعند كونها في مراعيها هي متفرقة غير متجمعة كل واحد منها يرعى في جانب ، وأكثر ما تكون هذه الراحة أيام الربيع إذا سقط الغيث ونبت العشب والكلأ وخرجت العرب للنجعة ، وأحسن ما تكون النعم في هذا الوقت فإنه يسمع للإبل رغاء وللبقر خوار وللشياه ثغاء يجاوب بعضها بعضا .