لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَلَكُمۡ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسۡرَحُونَ} (6)

وقوله سبحانه وتعالى { ولكم فيها } أي في الأنعام { جمال } أي زينة { حين تريحون وحين تسرحون } الإراحة رد الإبل بالعشي إلى مراحلها حيث تأوي إليه بالليل . وقال : سرح القوم إبلهم تسريحاً إذا أخرجوها بالغداة إلى المرعى . قال أهل اللغة : وأكثر ما تكون هذه الراحة أيام الربيع إذا سقط الغيث ، ونبت العشب والكلأ وخرجت العرب للنجعة ، وأحسن ما تكون النعم في ذلك الوقت فمن الله سبحانه وتعالى بالتجمل بها فيه كما من بالانتفاع بها لأنه من أغراض أصحاب المواشي بل هو من معظمها لأن الرعاة إذا سرحوا النعم بالغداة إلى المرعى ، وروحوها بالعشي إلى الأفنية والبيوت يسمع للإبل رغاء وللشاء ثغاء يجاوب بعضها بعضاً ، فعند ذلك يفرح أربابها بها وتتجمل بها الأفنية والبيوت ، ويعظم وقعها عند الناس . فإن قلت : لم قدمت الإراحة على التسريح ؟ قلت : لأن الجمال في الإراحة وهو رجوعها إلى البيوت أكثر منها وقت التسريح لأن النعم تقبل من المرعى ملأى البطون حافلة الضروع ، فيفرح أهلها بها بخلاف تسريحها إلى المرعى فإنها تخرج جائعة البطون ضامرة الضروع من اللبن ، ثم تأخذ في التفرق والانتشار للرعي في البرية فثبت بهذا البيان أن التجمل في الإراحة ، أكثر منه في التسريح فوجب تقديمه .