الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَلَكُمۡ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسۡرَحُونَ} (6)

قوله تعالى : { وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ } : كقوله : { لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ } [ النحل : 5 ] . و " حين " منصوبٌ بنفس " جَمال " ، أو بمحذوفٍ على أنه صفةٌ له ، أو معمولٌ لِما عَمِل في " فيها " أو في " لكم " .

وقرأ عكرمةُ والضحاكُ " حينا " بالتنوين على أنَّ الجملةَ بعدَه صفةٌ له ، والعائدُ محذوفٌ ، أي : حيناً تُرِيْحون فيه ، وحيناً تَسْرحُون فيه ، كقولِه تعالى : { وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ } [ البقرة : 281 ] .

وقُدِّمَتْ الإِراحةُ على السَّرْحِ ؛ لأنَّ الأنعامَ فيها أجملُ لِمَلْءِ بطونِها وتَحَفُّلِ ضُروعِها .

والجَمالُ : مصدرُ جَمُلَ بضمِّ الميم يَجْمُل فهو جميل ، وهي جميلة . وحكى الكسائيُّ جَمْلاء كَحَمْراء ، وأنشد :

فهِيَ جَمْلاءُ كَبَدْرٍ طالعٍ *** بَذَّتِ الخَلْقَ جميعاً بالجَمالْ

ويقال : أراحَ الماشيةَ وهَرَاحَها بالهاءِ بدلاً من الهمزة . وسَرَحَ الإِبلَ يَسْرَحُها سَرْحاً ، أي : أرسلَها ، وأصلُه أن يُرْسِلَها لترعى السَّرْحَ ، والسَّرْحُ شجرٌ له ثمرٌ ، الواحدة سَرْحَة . قال :

أبى اللهُ إلا أنَّ سَرْحَةَ مالكٍ *** على كلِّ افنانِ العِضاهِ تَرُوْقُ

وقال :

بَطَلٌ كأن ثيابَه في سَرْحةٍ *** يُحْذَى نِعالَ السَّبْتِ ليس بتوْءَم

ثم أُطْلِق على كل إرسالٍ ، واستُعير أيضاً للطَّلاق فقالوا : سَرَّحَ فلانٌ امرأتَه ، كما تسعير الطلاقُ أيضاً من إطلاق الإِبل من عُلُقِها . واعتُبِر من السَّرْحِ المُضِيُّ فقيل : ناقَةَ سُرُحٌ ، أي : سريعة قال :

. . . سُرُحُ اليَدَيْن . . . . . . . . . . . *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وحَذَفَ مفعولي " تُرِيْحون " و " تَسْرَحُون " مراعاةً للفواصل مع العلم بهما .