المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{دَرَجَٰتٖ مِّنۡهُ وَمَغۡفِرَةٗ وَرَحۡمَةٗۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمًا} (96)

وقال ابن محيريز : «الدرجات » هي درجات في الجنة ، سبعون ، ما بين الدرجتين حضر{[4223]} الفرس الجواد المضمر سبعين سنة ، وقال بهذا القول الطبري ورجحه ، وقال ابن زيد : «الدرجات » في الآية هي السبع المذكورات في سورة براءة ، فهي قوله تعالى : { ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله }{[4224]} الآيات فذكر فيها الموطىء الغائظ للكفار ، والنيل من العدو ، والنفقة الصغيرة والكبيرة ، وقطع الأودية والمسافات .

قال القاضي أبو محمد رحمه الله : ودرجات الجهاد لو حصرت أكثر من هذه ، لكن يجمعها بذل النفس والاعتمال بالبدن والمال في أن تكون كلمة الله هي العليا ، ولا شك أن بحسب مراتب الأعمال ودرجاتها تكون مراتب الجنة ودرجاتها ، فالأقوال كلها متقاربة ، وباقي الآية وعد كريم وتأنيس . ونصب { درجات } إما على البدل من الأجر ، وإما على إضمار فعل على أن تكون تأكيداً للأجر ، كما تقول : لك عليَّ ألف درهم عرفاً ، كأنك قلت أعرفها عرفاً .


[4223]:- يقال: أحضر الفرس أو الرجل: وثب في عدوه، فهو وهي: محضار أو محضير، والجمع محاضير، فالمراد هنا: عدو الفرس، أو وثبه عند العدو بسرعة.
[4224]:- من الآية (120) من سورة (براءة)، والسبع التي يشير إليها ابن زيد مذكورات في الآيتين (120-121).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{دَرَجَٰتٖ مِّنۡهُ وَمَغۡفِرَةٗ وَرَحۡمَةٗۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمًا} (96)

انتصب درجات على البدل من قوله { أجراً عظيماً } ، أو على الحال باعتبار وصف درجات بأنّها { منه } أي من الله .

وجُمع { درجات } لإفادة تعظيم الدرجة لأنّ الجمع لما فيه من معنى الكثرة تستعار صيغته لمعنى القوّة ، ألا ترى أنّ علقمة لمّا أنشد الحارثَ بنَ جبلة ملِكَ غسان قولَه يستشفع لأخيه شَأس بن عبْدة :

وفي كلّ حي قد خَبَطْتَ بنعمة *** فحقّ لشَأس من نَداك ذَنُوب

قال له الملك « وأذنبة » .

إ