الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{دَرَجَٰتٖ مِّنۡهُ وَمَغۡفِرَةٗ وَرَحۡمَةٗۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمًا} (96)

قال ابنُ مُحَيْرِيز : الدرجاتُ : هي درجاتٌ في الجنَّةِ ، سَبْعُونَ ما بَيْنَ الدرجَتَيْنِ حُضْرُ الجَوَادِ المُضَمَّرِ سَبْعِينَ سَنَةً ، قُلْتُ : وفي صحيح البُخاريِّ ، عن أبي هريرةَ ، عن رسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، أنه قَالَ : ( إنَّ فِي الجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ ، فَإذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فاسألوه الفِرْدَوْسَ ، فَإنَّهُ أَوْسَطُ الجَنَّةِ ، وَأَعْلَى الجَنَّةِ ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ ، وَمِنْهُ تُفَجَّرُ أَنْهَارُ الجَنَّةِ ) ، انتهى .

وقال ابن زَيْدٍ : الدرجاتُ في الآيةِ هي السَّبْعُ المذكورةُ في «بَرَاءَةَ » في قوله تعالى : { ذلك بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ }[ التوبة : 120 ] الآية .

قال ( ع ) : ودرجاتُ الجهادِ ، لَوْ حُصِرَتْ ، أكْثَرُ من هذه ، لكنْ يَجْمَعُها بذْلُ النفْسِ ، والاعتمال بالبَدَنِ والمالِ في أنْ تكُونَ كَلمةُ اللَّهِ هي العُلْيَا ، ولا شَكَّ أنَّ بحَسَب مراتِبِ الأعمال ودرجاتِهَا ، تكُونُ مراتِبُ الجَنَّة ودرجاتُها ، فالأقوالُ كلُّها متقاربةٌ ، وباقي الآية وَعْدٌ كريمٌ وتأنيسٌ .