فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{دَرَجَٰتٖ مِّنۡهُ وَمَغۡفِرَةٗ وَرَحۡمَةٗۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمًا} (96)

{ درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما ( 96 ) إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا ( 97 ) }

ثم فسر ذلك بقوله { درجات منه } أي من الأجر أو من الله يعني منازل بعضها فوق بعض من الكرامة ، قال ابن زيد الدرجات هن سبع ذكرها الله في سورة براءة يعني قوله { ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة إلى قوله إلا كتب لهم } .

وعن ابن جرير قال : كان يقال الإسلام درجة ، والهجرة في الإسلام درجة ، والجهاد في الهجرة درجة والقتل في الهجرة درجة .

وعن ابن محيريز قال : الدرجات سبعون درجة ما بين الدرجتين عدو الفرس الجواد المضمر سبعين سنة .

وأخرج البخاري والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض ، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ، ومنه تفجر أنهار الجنة{[527]} .

{ ومغفرة } لذنوبهم يسترها ويصفح عنها { ورحمة } رأفة بهم ، والمعنى غفر لهم مغفرة ورحمهم رحمة { وكان الله غفورا } لذنوبهم بتكفير العذر { رحيما } بهم بتوفير الأجر ، وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكى عن ربه عز وجل قال : ( أيما عبد من عبادي خرج مجاهدا في سبيل الله ابتغاء مرضاتي ضمنت له إن أرجعته بما أصاب من أجر أو غنيمة وإن قبضته غفرت له ورحمته ) {[528]} ، أخرجه النسائي .


[527]:أخرجه الترمذي3/326 والحاكم1/80 وأحمد5/316و321 وابن ماجة2/590.
[528]:النسائي3126. زاد السير175.