السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{دَرَجَٰتٖ مِّنۡهُ وَمَغۡفِرَةٗ وَرَحۡمَةٗۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمًا} (96)

{ درجات منه } أي : منازل بعضها فوق بعض من الكرامة ، وقوله تعالى : { ومغفرة ورحمة } منصوبان بفعلهما المقدر { وكان الله } أي : ولم يزل { غفوراً } لأوليائه { رحيماً } بأهل طاعته .

وروى أبو سعيد الخدري أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يا أبا سعيد من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً وجبت له الجنة ) قال : فعجب بها أبو سعيد فقال : أعدها يا رسول الله ففعل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وأخرى يرفع الله بها العبد مئة درجة في الجنة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض ) فقال : وما هي يا رسول الله قال : «الجهاد في سبيل الله »

وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من آمن بالله ورسوله وأقام الصلاة وآتى الزكاة وصام رمضان كان حقاً على الله أن يدخله الجنة جاهد في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها ) قالوا : يا رسول الله أفلا ننذر الناس بذلك ؟ فقال : ( إنّ في الجنة مئة درجة أعدّها الله للمجاهدين في سبيله ما بين كلّ درجتين كما بين السماء والأرض فإذا سألتموه فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة ) وإنما يجب الجهاد على كل مسلم مكلف حرّ ذكر مستطيع له وهو فرض كفاية للآية المتقدّمة إذا كان الكفار ببلادهم ويجب على الإمام أن يغزوهم في كل عام مرّة بنفسه أو بنائبه أو بشحن الثغور بما يقاوم العدوّ ، وأمّا إذا دخلوا بلادنا والعياذ بالله تعالى تعين على أهل البلدة وعلى من دون مسافة القصر حتى على فقير وولد ومدين ورقيق بلا إذن ، ويجب على من هو في مسافة القصر بقدر الكفاية وإن أسروا مسلماً لزمنا النهوض لخلاصه إن رجى وإن لم يدخلوا بلادنا .

/خ95

ونزل في جماعة أسلموا ولم يهاجروا فلما خرجوا إلى بدر رجعوا معهم فقتلوا مع الكفار .