المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَأُعَذِّبَنَّهُۥ عَذَابٗا شَدِيدًا أَوۡ لَأَاْذۡبَحَنَّهُۥٓ أَوۡ لَيَأۡتِيَنِّي بِسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٖ} (21)

ثم توعده عليه السلام بالعذاب ، وروي عن ابن عباس ومجاهد وابن جريج أن تعذيبه للطير كان بأن تنتف ، قال ابن جريج : ريشه أجمع ، وقال يزيد بن رومان{[3]} : جناحاه ، وروى ابن وهب أنه بأن تنتف أجمع وتبقى بضعة تنزو ، و «السلطان » الحجة حيث وقع في القرآن ، قاله عكرمة عن ابن عباس ، وقرأ ابن كثير وحده «ليأتينني » بنونين ، وفعل سليمان هذا بالهدهد إغلاظاً عن العاصين وعقاباً على إخلاله بنوبته ورتبته .


[3]:- أخرجه الإمام مالك في الموطأ المشهور بلفظ: (السبع المثاني القرآن العظيم الذي أعطيته) والترمذي وغيرهما، وخرج ذلك أيضا الإمام البخاري وغيره، عن أبي سعيد ابن المعلى في أول كتاب التفسير، وفي أول كتاب الفضائل بلفظ: (السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته). والسبع الطوال هي: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، فقوله: والسبع الطوال إلخ. رد على من يقول: إنما السبع المثاني.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{لَأُعَذِّبَنَّهُۥ عَذَابٗا شَدِيدًا أَوۡ لَأَاْذۡبَحَنَّهُۥٓ أَوۡ لَيَأۡتِيَنِّي بِسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٖ} (21)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{لأعذبنه عذابا شديدا}... {أو لأذبحنه} يعني: لأقتلنه، {أو ليأتيني بسلطان مبين}، يعني: حجة بينة أعذره بها.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"لأُعَذّبَنّهُ عَذَابا شَدِيدا" يقول: فلما أخبر سليمان عن الهدهد أنه لم يحضر وأنه غائب غير شاهد، أقسم "لأُعَذّبَنّه عَذَابا شَدِيدا"

[عن] الضحاك في قوله: "أوْ لأَذْبَحَنّه "يقول: أو لأقتلنه...

وقوله: "أوْ لَيَأْتِيَنّي بسُلْطانٍ مُبِينٍ" يقول: أو ليأتيني بحجة تبين لسامعها صحتها وحقيقتها... عن قَتادة "أوْلَيَأْتِيَنّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ" قال: بعذر بيّن...

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

في هذه الآية دليل على مقدار الجُرْمِ، وأنه لا عِبْرَةَ بصغر الجثة وعِظَمِها...

وتعيين ذلك العذاب الشديدِ غيرُ ممكنٍ قطعاً، إلا تجويزاً واحتمالاً.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

فإن قلت: من أين حل له تعذيب الهدهد؟ قلت: يجوز أن يبيح له الله ذلك، لما رأى فيه من المصلحة والمنفعة؛ كما أباح ذبح البهائم والطيور للأكل وغيره من المنافع؛ وإذا سخر له الطير ولم يتم ما سخر له من أجله إلا بالتأديب والسياسة، جاز أن يباح له ما يستصلح به.

أحكام القرآن لابن العربي 543 هـ :

فِيهَا مَسْأَلَتَانِ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: هَذِهِ الْآيَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الطَّيْرَ كَانُوا مُكَلَّفِينَ؛ إذْ لَا يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِ فِعْلٍ إلَّا مَنْ كُلِّفَ ذَلِكَ الْفِعْلَ...

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: كَانَ الْهُدْهُدُ صَغِيرَ الْجرْمِ، وَوُعِدَ بِالْعَذَابِ الشَّدِيدِ لِعَظِيمِ الْجُرْمِ. قَالَ عُلَمَاؤُنَا: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَدَّ عَلَى قَدْرِ الذَّنْبِ، لَا عَلَى قَدْرِ الْجَسَدِ..

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{لأعذبنه} أي بسبب غيبته فيما لم آذن فيه {عذاباً شديداً} أي مع إبقاء روحه تأديباً له وردعاً لأمثاله. {أو لأذبحنه} أي تأديباً لغيره، {أو ليأتيني} أي ليكونن أحد هذه الثلاثة الأشياء، أو تكون {أو} الثانية بمعنى إلا أن فيكون المعنى: ليكونن أحد الأمرين: التعذيب أو الذبح: إلا أن يأتيني {بسلطان مبين} أي حجة واضحة في عذره، فكأنه قال: والله ليقيمن عذره أو لأفعلن معه أحد الأمرين.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ويتضح أنه غائب، ويعلم الجميع من سؤال الملك عنه أنه غائب بغير إذن! وحينئذ يتعين أن يؤخذ الأمر بالحزم، كي لا تكون فوضى. فالأمر بعد سؤال الملك هذا السؤال لم يعد سرا. وإذا لم يؤخذ بالحزم كان سابقة سيئة لبقية الجند. ومن ثم نجد سليمان الملك الحازم يتهدد الجندي الغائب المخالف: (لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه).. ولكن سليمان ليس ملكا جبارا في الأرض، إنما هو نبي. وهو لم يسمع بعد حجة الهدهد الغائب، فلا ينبغي أن يقضي في شأنه قضاء نهائيا قبل أن يسمع منه، ويتبين عذره.. ومن ثم تبرز سمة النبي العادل: أو ليأتيني بسلطان مبين. أي حجة قوية توضح عذره، وتنفي المؤاخذة عنه.

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

فإذا كان قد غاب مستهينا مستهترا فإني أعذبه عذابا شديدا، وإن كان متمردا فإني أذبحه، وأكد العذاب والتذبيح بما يشبه القسم وباللام وبنون التوكيد الثقيلة، وإن كان غائبا لحاجة، فليأتيني بسلطان مبين أي بحجة بينة مبينة لأمر جديد.