بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{لَأُعَذِّبَنَّهُۥ عَذَابٗا شَدِيدًا أَوۡ لَأَاْذۡبَحَنَّهُۥٓ أَوۡ لَيَأۡتِيَنِّي بِسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٖ} (21)

وروى عكرمة أنه قال : قلت لابن عباس : كيف يرى الماء من تحت الأرض . وأن صبياننا يأخذونه بالفخ فلا يرى الخيط والشبكة من تحت التراب . فقال ابن عباس : ما ألقى هذه الكلمة على لسانك إلا الشيطان ، أما علمت أنه إذا نزل القضاء ذهب البصر . فدعا سليمان أمير الطير ، فسأله عن الهدهد ، فقال : أصلح الله الملك ما أدري أين هو ؟ وما أرسلته مكاناً ، فغضب سليمان عند ذلك وقال : { لأعَذّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً } يعني : لأنتفن ريشه فلا يطير مع الطيور حولاً ولأشمسنه في الحر حتى يأكله الذر { أَوْ لأذْبَحَنَّهُ } يعني : لأقتلنه حتى لا يكون له نسل { أَوْ لَيَأْتِيَنّى بسلطان } يعني : بحجة بينة واضحة أعذره بها { مُّبِينٌ } بيّن ، فإن قيل كيف يجوز أن يعاقب من لا يجري عليه القلم ؟ قيل له : تجوز العقوبة على وجه التأديب إذا كان منه ذنب ، كما يجوز للأب أن يؤدب ولده الصغير ، وأما الذبح ، فيجوز ، وإن لم يكن منه ذنب .

قرأ ابن كثير { ***ليأتينني } بنونين . وقرأ الباقون بنون واحدة ، فمن قرأ بنونين فهو للتأكيد ، لأن النون الأولى مشددة ، وتسمى تلك نون القسم ، وهي في الحقيقة نونين ، والنون الثانية للإضافة . ومن قرأ بنون واحدة ، فقد استقل الجمع بين النونات ، واقتصر على نونين ، فأدغم إحداهما في الأخرى .