[ الآية 21 ] فعند ذلك قال : { لأعذبنه عذابا شديدا } الآية .
فقالت الباطنية في ذلك : إن سليمان لا يحتمل أن يعذب من ليس بمخاطب في شيء ، ولا يجري عليه القلم ، فدل وعيده إياه من التعذيب والذبح أنه لم يكن هدهدا معروفا ، ولكن كان رجلا ممن يخاطب ، ويجري عليه القلم . وكذلك قالوا في النملة : إنه كان رجلا ممن يكون منه الكلام والفهم . وأما النملة المعروفة فلا يحتمل . لكن الجواب لهم في ذلك أن الله خلق هذه الدواب والطير وغيرها من الأشياء لمنافع البشر ولحاجاتهم . فجائز تعذيبها وذبحها للرد على منافعهم إذا امتنعت عن الإنفاع بها على ما تؤدب الدواب ، وتعذب للرياضة والتعليم لردها إلى الإنفاع بها . أو أن يعذب لما [ يشغل أحدا ]{[14966]} عن ذكر الله القيام{[14967]} ببعض أموره على ما ذكر في آية أخرى حين{[14968]} قال : { إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد } { فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب } [ ص : 31 و32 ] لما شغله عن ذكر ربه .
فعلى ذلك جائز أن يكون تعذيب الهدهد على الوجوه التي ذكرنا .
ومن الناس من استدل بهذا على مخاطبة الطيور والدواب وغيرها وتكليفها بالأمور كما يكلف غيرها من الخلائق ، واحتج على هذا بقوله : { وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم } [ الأنعام : 38 ] . أخبر أن الطير وغيره أمم أمثالنا . وأخبر في آية أخرى لم تخل أمة عن أن يكون فيها نذير بقوله : { وإن من أمة إلا خلا فيها نذير } [ فاطر : 24 ] .
[ ولكنا نقول : إن المراد بقوله : { وإن من أمة إلا خلا فيها نذير } ]{[14969]} الأمة التي هي أمثالنا من الإنس والجن . دليله قوله : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } [ الذاريات : 56 ] وقوله : { ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس } الآية [ الأعراف : 179 ] ونحوه كثير .
وقوله تعالى : { إلا أمم أمثالكم } ليس في الخطاب ولكن في أشياء كثيرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.