اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{لَأُعَذِّبَنَّهُۥ عَذَابٗا شَدِيدًا أَوۡ لَأَاْذۡبَحَنَّهُۥٓ أَوۡ لَيَأۡتِيَنِّي بِسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٖ} (21)

قوله : «عذاباً » ، أي تعذيباً ، فهو اسم مصدر أو مصدر على حذف الزوائد ك { أَنبَتَكُمْ مِّنَ الأرض نَبَاتاً } [ نوح : 17 ] ، وقد كتبوا : «أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ » بزيادة ألف بين لام ألف والذال ، ولا يجوز أن تُقْرَأ بها ، وهذا كما تقدم أنهم كتبوا : { ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ } [ التوبة : 47 ] بزيادة ألف بين لام ألف والواو{[38616]} .

قوله : «أو لَيَأْتِينِّي » ، قرأ ابن كثير بنون التوكيد المشددة بعدها نون الوقاية ، وهذا هو الأصل ، واتبع مع ذلك رسم مصحفه ، والباقون بنون مشددة فقط{[38617]} ، والأظهر أنها نون التوكيد الشديدة ، توُصِّلَ بكسرها لياء المتكلم ، وقيل : بل هي نون التوكيد الخفيفة أدغمت في نون الوقاية ، وليس بشيء لمخالفة الفعلين قبله ، وعيسى بن عمر بنون مشددة مفتوحة لم يصلها بالياء{[38618]} .

فصل :

قال المفسرون : معنى الآية : ما للهدهد لا أراه ، تقول العرب : مالي أراك كئيباً ؟ فقال : ما لي لا أرى الهدهد ، على تقدير أنه مع جنوده وهو لا يراه ، ثم أدركه الشك في غيبته فقال : أم كان من الغائبين ، يعني أكان من الغائبين ؟ والميم صلة{[38619]} ، وقيل : أم بمعنى بل ، ثم أوعد على غيبته ، فقال : { لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً } ، فقيل : بنتف ريشه ووضعه لهوام الأرض ، وقيل : بحبسه في القفص ، وقيل : بأن يفرق بينه وبين إلفه ، وقيل : بحبسه مع ضده ، { أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } حُجَّة ظاهرة{[38620]} .


[38616]:انظر تأويل مشكل القرآن (58).
[38617]:السبعة(479)، الكشف 2/154-155، النشر(337)، الإتحاف(335).
[38618]:قال ابن خالويه: (أو ليأتينَّن بسلطان عيسى بن عمر) المختصر(108-109) وما ذكره المؤلف في البحر المحيط 7/65.
[38619]:انظر البغوي 6/269.
[38620]:المرجع السابق 6/270.