مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{لَأُعَذِّبَنَّهُۥ عَذَابٗا شَدِيدًا أَوۡ لَأَاْذۡبَحَنَّهُۥٓ أَوۡ لَيَأۡتِيَنِّي بِسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٖ} (21)

{ لأعذّبنّه عذاباً شديداً } بنتف ريشه وإلقائه في الشمس ، أو بالتفريق بينه وبين إلفه ، أو بإلزامه خدمة أقرآنه ، أو بالحبس مع أضداده . وعن بعضهم أضيق السجون معاشرة الأضداد . أو بإبداعه القفص أو بطرحه بين يدي النمل ليأكله . وحل له تعذيب الهدهد لما رأى فيه من المصلحة كما حل ذبح البهائم والطيور للأكل وغيره من المنافع ، وإذا سخر له الطير لم يتم التسخير إلا بالتأديب والسياسة { أو لأذبحنّه أو ليأتينّي } بالنون الثقيلة ليشاكل قوله { لأعذبنه } وحذف نون العماد للتخفيف . { ليأتيني } بنونين : مكي الأول للتأكيد والثاني للعماد { بسلطانٍ مّبينٍ } بحجة له فيها عذر ظاهر على غيبته . والإشكال أنه حلف على أحد ثلاثة أشياء : اثنان منها فعله ولا مقال فيه ، والثالث فعل الهدهد وهو مشكل لأنه من أين درى أنه يأتي بسلطان حتى قال : والله ليأتيني بسلطان ؟ وجوابه أن معنى كلامه ليكونن أحد الأمور يعني إن كان الإتيان بالسلطان لم يكن تعذيب ولا ذبح ، وإن لم يكن كان أحدهما وليس في هذا دعاء دراية

{ فمكث } الهدهد بعد تفقد سليمان إياه ، وبضم الكاف غيره عاصم وسهل ويعقوب ، وهما لغتان