المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{۞وَقَالَ ٱللَّهُ لَا تَتَّخِذُوٓاْ إِلَٰهَيۡنِ ٱثۡنَيۡنِۖ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ فَإِيَّـٰيَ فَٱرۡهَبُونِ} (51)

وقوله { وقال الله } الآية ، آية نهي من الله تعالى عن الإشراك به ومعناها : لا تتخذوا إلهين اثنين فصاعداً ، بما ينصه من قوله { إنما هو إله واحد } ، قالت فرقة : المفعول الأول ب { تتخذوا } قوله { إلهين } ، وقوله { اثنين } تأكيد وبيان بالعدد ، وهذا معروف في كلام العرب أن يبين المعدود وبذكر عدده تأكيداً ، ومنه قوله { إله واحد }{[7332]} لأن لفظ { إله } يقتضي الانفراد ، وقال قوم منهم : المفعول الثاني محذوف تقديره معبوداً أو مطاعاً ونحو هذا ، وقالت فرقة : المفعول الأول { اثنين } ، والثاني قوله { إلهين } ، وتقدير الكلام : لا تتخذوا اثنين إلهين ، ومثله قوله تعالى : { ألا تتخذوا من دوني وكيلاً ذرية من حملنا مع نوح } {[7333]}[ الإسراء : 2-3 ] ففي هذه الآية على بعض الأقوال تقديم المفعول الأول لِ { تتخذوا } ، وقوله : { فإياي } منصوب بفعل مضمر تقديره فارهبوا إياي فارهبون ولا يعمل فيه الفعل ؛ لأنه قد عمل في الضمير المتصل به .


[7332]:ورد ذلك في هذه الآية: {إنما هو إله واحد}، وتكرر ذلك في القرآن الكريم مرات كثيرة.
[7333]:من الآيتين (2 و 3) من سورة (الإسراء).