فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{۞وَقَالَ ٱللَّهُ لَا تَتَّخِذُوٓاْ إِلَٰهَيۡنِ ٱثۡنَيۡنِۖ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ فَإِيَّـٰيَ فَٱرۡهَبُونِ} (51)

{ وَقَالَ اللّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ ( 51 ) }

ولما بين سبحانه أن مخلوقاته السماوية والأرضية منقادة له خاضعة لجلاله أتبع ذلك بالنهي عن الشرك بقوله : { وَقَالَ اللّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ } فنهى سبحانه عن اتخاذ إلهين ثم أثبت أن الإلهية منحصرة في إله واحد وهو الله سبحانه وقد قيل أن التثنية في الإلهين قد دلت على الاثنينية والإفراد في إله قد دل على الوحدة فما وجه وصف إليهن باثنين ووصف إله بواحد فقيل في الجواب أن في الكلام تقديما وتأخيرا والتقدير لا تتخذوا اثنين إلهين وفيه بعد .

وقال أبو البقاء : هو مفعول ثان ، وهذا كالغلط إذ لا معنى لذلك البتة ، وقيل إن التكرير لأجل المبالغة في التنفير عن اتخاذ الشريك ، وقيل إنه تأكيد لإلهين وعليه أكثر الناس ، وكلام الزمخشري هنا يفهم منه إنه ليس بتأكيد ، وقيل إن فائدة زيادة اثنين هي أن يعلم أن النهي راجع إلى التعدد لا إلى الجنسية ، وفائدة زيادة واحد دفع توهم أن المراد إثبات الإلهية دون الواحدية ، مع أن الإلهية له سبحانه مسلمة في نفسها ، وإنما خلاف المشركين في الواحدية .

ثم نقل الكلام سبحانه من الغيبة إلى التكلم على طريقة الالتفات لزيادة الترهيب فقال : { فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ } أي إن كنتم راهبين شيئا فإياي فارهبون لا غيري ، فالتركيب أفاد الحصر ، وقيل : التقدير إياي ارهبوا فارهبون ، وقدره ابن عطية : ارهبوا إياي فارهبون .

قال الشيخ : وهو ذهول عن القاعدة النحوية وقد يجاب عنه والرهب مخافة مع حزن واضطراب وقد مر هذا في أول البقرة .