غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{۞وَقَالَ ٱللَّهُ لَا تَتَّخِذُوٓاْ إِلَٰهَيۡنِ ٱثۡنَيۡنِۖ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ فَإِيَّـٰيَ فَٱرۡهَبُونِ} (51)

43

ولما بين أن كل ما سواه في عالمي الأرواح والأجسام فإنه منقاد خاضع لجلاله وكبريائه أتبعه النهي عن الشرك قائلاً { وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد } فسئل أن التثنية والواحد حيث كانا يدلان على العدد الخاص ، فما الفائدة في وصف إلهين باثنين ووصف إله بواحد ؟ وأجيب بوجوه منها : قول صاحب النظم أن فيه تقديماً وتأخيراً أي لا تتخذوا اثنين إلهين . ومنها أنه كررت العبارة لأجل المبالغة في التنفير عن اتخاذ الشريك . ومنها قول لأهل المعاني إن فائدة الوصف والبيان هي أن يعلم أن النهي راجع إلى التعدد لا إلى الجنسية ، ولهذا لو قلت : إنما هو إله ولم تؤكده بواحد سبق إلى الوهم إنك تثبت الإلهية لا الوحدانية . وكيف لا يحتاج المقام إلى التوكيد والاثنينية منافية للإلهية لاستلزام تعدد الواجب كون كل منهما مركباً من جزأين ما به الاشتراك في الوجوب الذاتي ، وما به الامتياز ولكن التركيب يوجب الافتقار إلى البسائط والافتقار ينافي الوجوب . ودليل التمانع أيضاً يعين على المطلوب ، كما لو أراد أحدهما تحريك جسم معين وأراد الآخر تسكينه ، أو قوي أحدهما على مخالفة الآخر أو لا يقوى ، أو قدر أحدهما على أن يستر ملكه عن الآخر أو لا يقدر . ثم نقل الكلام عن الغيبة إلى التكلم على طريقة الالتفات قائلاً : { فإياي فارهبون } وقد مر مثله في أوّل " البقرة " ثم لما قرر وحدته وأنه يجب أن يخص بالرهبة منه والرغبة إليه ذكر أن الكل ملكه فقال : { وله ما في السموات والأرض } .

/خ60