المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{إِنَّمَا يَأۡمُرُكُم بِٱلسُّوٓءِ وَٱلۡفَحۡشَآءِ وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (169)

إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ( 169 )

وقوله تعالى : { إنما يأمركم } الآية ، { إنما } تصلح للحصر ، وقد تجيء غير حاصرة بل للمبالغة( {[1538]} ) كقولك «إنما الشجاع عنترة » ، كأنك تحاول الحصر أو توهمه ، فإنما يعرف معنى { إنما } بقرينة الكلام الذي هي فيه ، فهي في هذه الآية حاصرة ، وأمر الشيطان إما بقوله في زمن الكهنة وحيث يتصور ، وإما بوسوسته ، فإذا أطيع نفذ أمره .

و { السوء } مصدر من ساء يسوء فهي المعاصي وما تسوء عاقبته( {[1539]} ) ، و { الفحشاء } قال السدي : هي الزنا ، وقيل : كل ما بلغ حداً من الحدود لأنه يتفاحش حينئذ ، وقيل : ما تفاحش ذكره ، وأصل الفحش قبح المنظر كما قال امرؤ القيس : [ الطويل ]

وجيدٍ كجيدِ الرِّئْمِ لَيْسَ بِفَاحِشٍ . . . إذا هِيَ نصَّتْهُ ولا بمعطَّلِ( {[1540]} )

ثم استعملت اللفظة فيما يستقبح من المعاني ، والشرع هو الذي يحسن ويقبح ، فكل ما نهت عنه الشريعة فهو من الفحشاء ، و { ما لا تعلمون } : قال الطبري : يريد به حرموا من البحيرة والسائبة ونحوها وجعلوه شرعاً .


[1538]:- يعني أن الحصر تارة يكون حقيقيا، وتارة يكون ادعائيا، ويرجع في ذلك إلى القرائن المحيطة بالمقام.
[1539]:- يعني أن كلمة السوء تشمل سائر المعاصي، لأن المعنى: إنما يأمركم بالأفعال السيئة، وسميت سوءا لأنها تسوءُ صاحبها بسوء عاقبته.
[1540]:- الريم: ولد الظبية، قيل: إذا كان خالص البياض – وليس بفاحش: يعني ليس بشديد الطول كريه المنظر. ونصّته: مدَّته وأبرزته – والمعطّل: الخالي من الحلي.