الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{إِنَّمَا يَأۡمُرُكُم بِٱلسُّوٓءِ وَٱلۡفَحۡشَآءِ وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (169)

{ إِنَّمَا يَأْمُرُكُم } بيان لوجوب الإنهاء عن اتباعه وظهور عداوته . أي لا يأمركم بخير قط إنما يأمركم { بالسوء } بالقبيح { والفحشاء } وما يتجاوز الحدّ في القبح من العظائم ، وقيل : السوء ما لا حدّ فيه . والفحشاء : ما يجب الحدّ فيه { وَأَن تَقُولُواْ عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ } وهو قولكم : هذا حلال وهذا حرام ، بغير علم . ويدخل فيه كل ما يضاف إلى الله تعالى مما لا يجوز عليه .

فإن قلت : كيف كان الشيطان آمراً مع قوله : { لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سلطان } [ الحجر : 42 ] قلت : شبه تزيينه وبعثه على الشر بأمر الآمر ، كما تقول : أمرتني نفسي بكذا . وتحته رمز إلى أنكم منه بمنزلة المأمورين لطاعتكم له وقبولكم وساوسه ؛ ولذلك قال : { وَلاَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتّكُنَّ ءاذَانَ الأنعام وَلاَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيّرُنَّ خَلْقَ الله } [ النساء : 119 ] وقال الله تعالى : { إِنَّ النفس لأَمّارَةٌ بالسوء } [ يوسف : 53 ] لما كان الإنسان يطيعها فيعطيها ما اشتهت .