فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّمَا يَأۡمُرُكُم بِٱلسُّوٓءِ وَٱلۡفَحۡشَآءِ وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (169)

وقوله : { بالسوء } سمي السوء سوءاً ؛ لأنه يسوء صاحبه بسوء عاقبته ، وهو مصدر ساءه يسوؤه سوءاً ، ومساءة إذا أحزنه . { والفحشاء } أصله سوء المنظر ، ومنه قول الشاعر :

وَجِيدٍ كَجِيد الرِّئم لَيْسَ بِفَاحِشٍ *** . . .

ثم استعمل فيما يقبح من المعاني ، وقيل السوء : القبيح ، والفحشاء : التجاوز للحدّ في القبح ، وقيل السوء : ما لا حدَّ فيه ، والفحشاء : ما فيه الحدّ ، وقيل الفحشاء : الزنا . وقيل : إن كل ما نهت عنه الشريعة ، فهو من الفحشاء .

وقوله : { وَأَن تَقُولُوا عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ } قال ابن جرير الطبري : يريد ما حرّموه من البحيرة ، والسائبة ، ونحوهما ، مما جعلوه شرعاً . وقيل : هو قولهم : هذا حلال ، وهذا حرام ، بغير علم . والظاهر أنه يصدق على كل ما قيل في الشرع بغير علم ، وفي هذه الآية دليل على أن كل ما لم يرد فيه نصّ ، أو ظاهر من الأعيان الموجودة في الأرض ، فأصله الحلّ حتى يرد دليل يقتضي تحريمه ، وأوضح دلالة على ذلك من هذه الآية قوله تعالى : { هُوَ الذى خَلَقَ لَكُم ما فِى الأرض } [ البقرة : 29 ] .

/خ171