غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِنَّمَا يَأۡمُرُكُم بِٱلسُّوٓءِ وَٱلۡفَحۡشَآءِ وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (169)

168

{ إنما يأمركم بالسوء والفحشاء } السوء متناول جميع المعاصي من أفعال الجوارح وأفعال القلوب ، والفحشاء هي التي جاوزت الحد في القبح فلهذا قد تحقق الأول بما لم يجب فيه الحد والثاني بما يجب فيه الحد { وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } وهذا أقبح الكل لأن وصف الله تعالى بما لا ينبغي من أعظم الكبائر فهذه الآية كالتفسير لقوله { ولا تتبعوا خطوات الشيطان } والصغائر والكبائر والكفر والجهل كلها من مأمورات الشيطان ، بل لا يأمر الشيطان إلا بهذه الأمور بدليل { إنما } وهي للحصر وقد يدعو الشيطان إلى الخير ظاهراً وغرضه أن يجرّه إلى الشر آخراً مثل أن يجرّه من الأفضل إلى الفاضل فيتمكن بعد ذلك أن يجرّه إلى الشر . ومثل أن يجره من الفاضل السهل إلى الأفضل الأشق ليصير ازدياد المشقة سبباً لتنفره عن الطاعة . ويدخل في قوله { وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } جميع المذاهب الباطلة والعقائد الفاسدة وقول الرجل هذا حلال وهذا حرام بغير علم بل يتناول مقلد الحق لأنه وإن كان مقلداً للحق لكنه قال ما لا يعلم فصار مستحقاً للذم من جهة أنه قادر على تحصيل العلم بالحق ، ثم إنه قنع بالظن والتخمين . ومعنى أمر الشيطان وسوسته وقد سلف في شرح الاستعاذة ، وفي التعبير عن وسوسته بالأمر رمز إلى أنكم منه بمنزلة المأمورين لطاعتكم أو قبولكم وساوسه . وإذا كان الآمر المطاع مرجوماً مذموماً فكيف حال المأمور المطيع ؟ وفي هذا معتبر للبصراء ومزدجر للعقلاء أعاذنا الله بحوله وأيده من مكر الشيطان وكيده .

/خ171