المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّـٰبِـِٔينَ وَٱلنَّصَٰرَىٰ وَٱلۡمَجُوسَ وَٱلَّذِينَ أَشۡرَكُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ يَفۡصِلُ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ} (17)

ثم أخبر الله تعالى عن فعله بالفرق المذكورين وهم المؤمنون بمحمد عليه السلام وغيره ، واليهود والصابئون وهم قوم يعبدون الملائكة ويستقبلون القبلة ويوحدون الله ويقرؤون الزبور قاله قتادة { والنصارى والمجوس } وهم عبدة النار والشمس والقمر ، والمشركون وهم عبدة الأوثان ، قال قتادة الأديان ستة ، خمسة للشيطان وواحد للرحمن وخبر { إن } قوله تعالى الله { يفضل بينهم } ، ثم دخلت { إن } على الخبر مؤكدة وحسن ذلك لطول الكلام فهي وما بعدها خبر { إن } الأولى ، وقرن الزجاج هذه الآية . بقول الشاعر : [ البسيط ]

إن الخليفة إن الله سربله . . . سربال ملك به ترجى الخواتيم{[8326]}

نقله من الطبري ع وليس هذا البيت كالآية لأن الخبر في البيت في قوله ترجى الخواتيم وإن الثانية وجملتها معترضة بين الكلامين ، ثم تم الكلام كله في قوله تعالى : { القيامة } واستأنف الخبر عن { إن الله على كل شيء شهيد } عالم به وهذا خبر مستأنف للفصل بين الفرق وفصل الله تعالى بين هذه الفرق هو إدخال المؤمنين الجنة والكافرين النار .


[8326]:هذا البيت لجرير، وهو من قصيدة يمدح بها العزيز بن الوليد بن عبد الملك، ويروى البيت: "يكفي الخليفة أن الله ربله"، ويروى أيضا: "به تزجى الخواتيم"، بمعنى:تساق خواتيم الإمارة، والربال: القميص، وفي اللسان بعد أن ذكر البيت عن الزجاج قال: "إنما جمع خاتما على خواتيم اضطرارا"، وقيل: إن خواتيم جمع خاتام، وهي لغة في الخاتم، فهو الختم والخاتم والخاتم والخاتام والخيتام، والبيت = شاهد على أن [إن] دخلت على جزأي الجملة، أي على المبتدأ والخبر لزيادة التأكيد، وحسن ذلك طول الفصل في الكلام، على أنه يجوز في البيت وجه آخر لا يجوز في الآية، وهو أن يكون خبر [إن] الأولى هو قول الشاعر: "به ترجى الخواتيم"، وجملة "إن الله سربله" جملة معترضة بين اسم (إن) وخبرها. (راجع خزانة الأدب وشرح شواهد الكشاف).