قوله : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ } : الآية فيها ثلاثةُ أوجه ، أحدُها : أنَّ " إنَّ " الثانيةَ واسمَها وخبرَها في محلِّ رفع خبراً ل " إنَّ " الأولى . قال الزمخشري : " وأُدْخِلَتْ " إنَّ " على كلِّ واحدٍ من جُزْأَي الجملةِ لزيادةِ التأكيدِ . ونحوُه قولُ جريرٍ :
إنَّ الخليفةَ إنَّ اللهَ سَرْبلَه *** سِرْبالَ مُلْكٍ به تُرْجَى الخواتيمُ
قال الشيخ : " وظاهرُ هذا أنه شَبَّه البيتَ بالآيةِ ، وكذلك قرنه الزَّجَّاج بالآية ، ولا يتعيَّنُ أن يكونَ البيتُ كالآية ؛ لأنَّ البيتَ يَحْتمل أَنْ يكونَ " الخليفةَ " خبرُه " به تُرْجَى الخواتيمُ " ، ويكونَ " إنَّ اللهَ سَرْبَله " جملةَ اعتراضٍ بين اسمِ " إنَّ " وخبرِها ، بخلافِ الآيةِ ، فإنه يتعيَّنُ قولُه : { إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ } . وحَسَّنَ دخولَ " إنَّ " على الجملةِ الواقعةِ خبراً طولُ الفَصْلِ بينهما بالمعاطيف " .
قلت : قوله : " فإنَّه يتعيَّنُ قولُه إن الله يَفْصِل " يعني أن يكونَ خبراً . ليس كذلك لأنَّ الآيةَ محتمِلةٌ لوجهين آخرين ذكرهما الناسُ . الأول : أن يكونَ الخبرُ محذوفاً تقديرُه : يفترقون يومَ القيامة ونحُوه ، والمذكورُ تفسيرٌ له . كذا ذكره أبو البقاء . والثاني : أنَّ " إنَّ " الثانيةَ تكريرٌ للأولى على سبيلِ التوكيدِ . وهذا ماشٍ على القاعدة : وهو أنَّ الحرفَ إذا كُرِّرَ توكيداً أُعِيْدَ معه ما اتَّصل به أو ضميرُ ما اتَّصل به ، وهذا قد أُعِيدَ معه ما أتَّصل به أولاً : وهي الجلالةُ المعظمةُ ، فلم يتعيَّنْ أَنْ يكونَ قولُه : { إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ } خبراً ل " إنَّ " الأَوْلى كما ذُكر .
وقد تقدَّم تفسيرُ ألفاظِ هذه الآيةِ ، إلاَّ المجوسَ . وهم قومٌ اختلف أهلُ العلمِ فيهم فقيل : قومٌ يعبدون النارَ . وقيل : الشمسَ والقمرَ . وقيل : اعتزلوا النصارى ولَبِسوا المُسُوْح . وقيل : أَخَذوا من دين النصارى شيئاً ، ومن دينِ اليهودِ شيئاً ، وهم القائلونَ بأنَّ للعالم أصلين : نورٌ وظلمةٌ . وقيل : هم قومٌ يستعملون النجاساتِ ، والأصل : نَجوس بالنونِ فأُبْدِلَتْ ميماً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.