معاني القرآن للفراء - الفراء  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّـٰبِـِٔينَ وَٱلنَّصَٰرَىٰ وَٱلۡمَجُوسَ وَٱلَّذِينَ أَشۡرَكُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ يَفۡصِلُ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ} (17)

وقوله : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هادُواْ 17 } إلى قوله { وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ } ثم قال { إِنَّ اللَّهَ } فجعلَ في خبرهم ( إنَّ ) وفي أوَّل الكلام ( إنَّ ) وأنت لا تقول في الكلام : إن أخاك إِنَّه ذاهب ، فجاز ذلك لأن المعنى كالجزاء ، أي من كان مُؤمنا أو على شيء من هذه الأديان ففَصْلُ بيِنهم وحسابُهم على الله . وربما قالت العرب : إنَّ أخَاكَ إن الدَّين عليه لكثير ، فيَجْعَلُون ( إنَّ ) في خبره إذا كانَ إنما يُرفع باسم مضاف إلى ذِكْرِه ؛ كَقَولِ الشّاعر :

إنَّ الخليفة إن الله سَرْبله *** سِرْبال مُلْك به ترجَى الخواتيم

ومن قال هذا لم يقل : إنك إنك قائم ، ولا يقول : إنّ أباكَ إنه قائم لأن الاسْمين قد اختلفَا فحسن رفض الأول ، وجَعَل الثاني كأنه هو المبتدأ فحسُن للاختلاف قبُح للاتِّفاق .